اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 388
وقيل: إن النسخ وقع بقوله تعالى:
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [1] فإن عموم الأمكنة يستلزم عموم الأزمنة.
والحق ما ذهب إليه عطاء بن أبى رباح من أن الآية محكمة لم يدخلها نسخ، لأن عموم الأشخاص فى آية وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً وعموم الأمكنة فى آية فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ لا يستلزم واحد منهما عموم الأزمنة، وإذن فلا تعارض ولا نسخ. وكلاهما غير مناف لحرمة القتال فى الشهر الحرام، لأن عموم الأشخاص وعموم
الأمكنة يتحققان فى بعض الأزمان الصادق بما عدا الأشهر الحرم، ويؤيد ذلك أن حرمة القتال فى الشهر الحرام لا تزال باقية، اللهم إلا إذا كان جزاء لما هو أشد منه، فإنه يجوز حينئذ لهذا العارض كما دل عليه قول الله تعالى فى الآية نفسها:
وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ
قال ابن العربى المالكى رحمه الله ([2]):
كان عطاء يحلف أنها ثابتة، لأن الآيات التى بعدها عامة فى الأزمنة، وهذا خاص والعام لا ينسخ الخاص باتفاق.
وقال القرطبى رحمه الله ([3]):
وكان عطاء يقول: الآية محكمة ولا يجوز القتال فى الأشهر الحرم، ويحلف على ذلك، لأن الآيات التى وردت بعدها عامة فى الأزمنة، وهذا خاص والعام لا ينسخ الخاص باتفاق، وروى أبو الزبير عن جابر [1] سورة التوبة الآية: 5. [2] أحكام القرآن له 1/ 147. [3] تفسير القرطبى 1/ 851، 852.
اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 388