اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 232
وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بما يلى:
أولا: لو خاطبنا الله عز وجل بالمجاز والاستعارة للزم وصفه بأنه متجوز فى خطابه، وبأنه مستعير.
وقد أجيب عن هذا [1]: بأن إطلاق وصفه تعالى بالتجوّز يوهم التسمح بالقبيح، ولهذا إذا قيل فلان متجوز فى أفعاله أفاد أنه متسمح بالقبيح فيها، وأما قولنا: مستعير، فإنه يفهم من إطلاقه أنه استأذن غيره فى التصرف فى ملكه لينتفع به، وكل ذلك يستحيل على الله عز وجل. أضف إلى ذلك أن أسماءه سبحانه توقيفية، ومن ثم لا يصح إطلاق لفظ متجوز أو مستعير عليه سبحانه.
ثانيا: إن العدول عن الحقيقة إلى المجاز يقتضى العجز عن الحقيقة، وهو مستحيل عليه تعالى.
وقد أجيب عن هذا: بأن العدول عن الحقيقة إلى المجاز يقتضى العجز لو لم يحسن العدول إلى المجاز مع التمكن من الحقيقة، ومعلوم أن العدول إلى المجاز يحسن لما فيه من زيادة فصاحة واختصار، ومبالغة فى التشبيه، ولو لم تكن فى المجاز هذه الوجوه لجاز أن تكون فيه مصلحة لا نعلمها، ولجاز أن يكون المجاز مع قرينته يساوى فى الطول كثرة ألفاظ الحقيقة، فيجرى العدول إليه مجرى العدول من حقيقة إلى حقيقة.
ثالثا: إن المجاز لا ينبئ [2] عن معناه بنفسه، وعليه فورود القرآن به يقتضى الإلباس [3]. [1] المعتمد: 1/ 31. [2] النبأ هو الخبر- لسان العرب: 5/ 4315. [3] يقال لبس عليه الأمر يلبسه لبسا فالتبس إذا خلطه عليه حتى لا يعرف جهته فاللبس هو اختلاط الأمر- لسان العرب: 5/ 3987.
اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 232