اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 141
نزلت آيات كثيرة فى القرآن الكريم على أسباب مخصوصة، واتفق العلماء على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آيات الظهار واللعان وحد القذف. لكن لو نزلت آية فى شخص معين ولا عموم للفظها فإنها تقصر عليه قطعا كقوله تعالى:
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى* الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى [1].
فهذا القول الكريم قد نزل فى حق الصديق رضى الله عنه بالإجماع، وقد استدل بها الإمام فخر الدين الرازى [2] رحمه الله مع قوله تعالى:
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ [3] على أنه أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن ظن بأن الآية عامة فى كل من عمل عمله فهو واهم [4]، لأن الآية ليس فيها صيغة عموم إذ الألف واللام إنما تفيد العموم إذا كانت موصولة أو معرفة فى جمع. زاد قوم: أو مفرد بشرط ألا يكون هناك عهد، واللام فى الأتقى ليست موصولة لأنها لا توصل بأفعل التفضيل إجماعا، والأتقى ليس جمعا بل هو مفرد، والعهد موجود خصوصا مع ما يفيده صيغة- أفعل- من التمييز وقطع المشاركة، فبطل القول بالعموم وتعين القطع بالخصوص والقصر على من نزلت فيه وهو الصديق رضى الله عنه [5].
الرابعة: قد يتعدد النازل والسبب واحد، وقد يتعدد السبب والنازل واحد. [1] سورة الليل آيتا: 17، 18. [2] تفسير الفخر الرازى 31/ 204. [3] سورة الحجرات الآية: 13. [4] وهم فى الحساب غلط فيه وسها وبابه فهم، ووهم فى الشيء من باب وعد إذا ذهب وهمه إليه وهو يريد غيره- مختار الصحاح 738 - [5] الإتقان فى علوم القرآن 1/ 113، والتمهيد 94.
اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 141