اسم الکتاب : مبحث الاجتهاد والخلاف المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 38
مِنَ النِّسَاءِ} [1] الآية. ومنه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} [2] الآية، لما أخبر سبحانه بإلحاق الذرية - ولا عمل لهم - بآبائهم في الدرجة، فربما توهم متوهم أنه يحط الآباء إلى درجة الذرية، فرفع هذا التوهم بقوله: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [3] أي ما نقصنا الآباء من أجور أعمالهم، بل رفعنا ذريتهم إلى درجتهم، ولم نحطهم من درجتهم، ولما كان الوهم قد يذهب إلى أنه يفعل ذلك بأهل النار، قطع هذا تبارك وتعالى بقوله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [4].
ومن هذا قوله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} [5] فلما كان ذكر ربوبيته البلد الحرام قد يوهم الاختصاص، عقبه بقوله: {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} [6] ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [7] فلما ذكر كفايته للمتوكل عليه، فربما أوهم ذلك تعجل الكفاية وقت التوكل، فعقبه بقوله: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [8] أي وقتا لا يتعداه، أي فهو يسوقه إلى وقته الذي قدره له، فلا يستعجل المتوكل فيقول: قد توكلت ودعوت فلم أر شيئا. فالله بالغ أمره في وقته الذي قدره، وهذا كثير جدا في القرآن والسنة، وهو باب لطيف من أبواب فهم النصوص. [1] سورة الأحزاب آية: 32. [2] سورة الطور آية: 21. [3] سورة الطور آية: 21. [4] سورة الطور آية: 21. [5] سورة النمل آية: 91. [6] سورة النمل آية: 91. [7] سورة الطلاق آية: 3. [8] سورة الطلاق آية: 3.
اسم الکتاب : مبحث الاجتهاد والخلاف المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 38