responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 690
للسماحة وما يحصل من جفاء وبعد عن الهدي عند الاتِّسام بما يضادها بقوله: "إن للسماحة أثراً في سرعة انتشار الشريعة وطول دوامها، إذ أرانا التاريخ أن سرعة امتثال الأمم للشرائع ودوامَهم على اتباعها كان على مقدار اقتراب الأديان من السماحة. فإذا بلغ بعض الأديان من الشدّة حداً متجاوزاً لأصل السماحة لحِق أتباعَه العنتُ ولم يلبثوا أن ينصرفوا عنه أو يفرّطوا في معظمه" [1].
ولاعتبار السماحة أولَ أوصاف الشريعة وأكبرَ مقاصدها، يُرفع بها العنت والحرج عن الفرد والجماعة. وذلك حين يعرض لهم من العوارض الزمنية أو الحالية ما تصير به التكاليف مشتملة على شدّة عليهم، يأذن الرحمن في الرخصة فيها تخفيفاً على المكلفين، وحفظاً للإسلام على استدامَة وصف السماحة للأحكام [2].

الحرية:
وأما الحرية فلها أيضاً مقامها الأعلى في تصرّفات الناس وتقرير أحوالهم والرقي بهم. وهي كما صورها الإمام الأكبر خاطر غريزي في النفوس البشرية، فبها نماء القوى الإنسانية من تفكير وقول وعمل. وبها تنطق المواهب العقلية متسابقة في ميادين الابتكار والتدقيق. فلا يحق أن تسام بقيد إلا قيداً يُرفع به عن صاحبها ضُرٌّ ثابت أو يُجلب به نفعٌ، حيث لا يقبل رضا المضرور أو المنتفع بإلغاء فائدة دفع الضرر وجلب النفع. وذلك حين يكون لغيره معه حظ في ذلك، أو يكون في عقله اختلال يبعثه على التهاون بضرِّ نفسه وضياع منفعتها [3]. وبقدرِ ما يحرك هذا الخطاب إلى الاستمتاع بقدرٍ فائق من

[1] أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: 27.
[2] المرجع السابق: 27.
[3] المرجع السابق: 163.
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 690
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست