فقد أولوا هذه الآية، كما أولوا آيات الاستواء التي جاء فيها ذكر عرش الرحمن- تبارك وتعالى-.
وأما الصنف الآخر الذين زعموا أن العرش المذكور في الآيات المراد به: الفلك التاسع، وهم الفلاسفة، فهم يقولون: إن المراد بالحملة الثمانية في قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ} الثمانية أفلاك التي تحت الفلك المحيط، أو ما يسمونه الفلك التاسع[1]، وقد تقدم الرد على كلا الفريقين أثناء الكلام على الأقوال في العرش.
فمما تقدم تقرر أن لعرش الله حملة من الملائكة يحملونه بقدرة الله، وقد أخبرنا الله- تعالى- أنهم يوم القيامة ثمانية، ولكن اختلف في هؤلاء الثمانية هل هم ثمانية أملاك، أم ثمانية أصناف، أم صفوف، وهل هم اليوم ثمانية، أم أقل، على عدة أقوال:
القول الأول:
أن المراد بالثمانية: ثمانية صفوف من الملائكة، لا يعلم عدتهم إلا الله، وهذا القول مروي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ} ، قال: "ثمانية صفوف من الملائكة، لا يعلم عدتهم إلا الله "[2]، وهو- أيضا- مروي عن سعيد بن جبير3،
1 "تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات" "رسالة النبوات": ص 87. [2] سيأتي تخريجه في التحقيق تحت رقم 33.
3 انظر الأثر الوارد عنه في قسم التحقيق تحت رقم 32.