المخلوقات" واستدلال ابن حجر بحديث، أبي رزين "أن الماء خلق قبل العرش" فغير صحيح، لأنه لم يرد في حديث أبي رزين هذا اللفظ، وإنما ورد فيه: "ثم خلق عرشه على الماء"، وليس في هذا ما يدل على أولية الماء.
وأما ما رواه السدي فهو- أيضا- لا يصلح للاحتجاج، لكونه أثرا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك.
وأما القول الثالث: وهو قول ابن إسحاق فهو- أيضا- غير صحيح، ولعله أخذه من الإسرائيليات كما أخذ غيره من الأمور، وقد قال ابن جرير في هذا القول: "وأما ابن. إسحاق فإنه لم يسند قوله الذي قاله في ذلك إلى أحد، وذلك من الأمور التي لا يدرك علمها إلا بخبر من الله عز وجل أو خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم"[1].
أما القول الأول فقد أجاب الجمهور على استدلالهم بحديث عبادة بن الصامت بقولهم: لا يخلو قوله "أول ما خلق الله القلم ... " إلخ من أن يكون جملة أو جملتين، فإن كان جملة- وهو الصحيح- كان معناه أنه عند أول خلقه قال له: "اكتب" كما في اللفظ، "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب" بنصب "أول" و"القلم "، فعلى هذا تكون الأولية راجعة إلى الكتابة لا إلى الخلق.
وإن كانت جملتين وهو مروي برفع "أول" و"القلم " فيتعين حمله على أنه أول المخلوقات من هذا العالم، فيتفق بهذا الحديثان، إذ
1 "تاريخ الطبري": (1/ 33) .