ولم يقتصر علم المؤلف على جانب رواية الحديث وحفظه فقط، بل كان ذا معرفة وفهم بأحوال الرجال جرحا وتعديلا، حتى صار إماما من أئمة هذا الشأن، وله مؤلفات فيه، قال عنه الذهبي[1]، والسخاوي2:"وهو مع ضعفه من أئمة هذا الشأن"، وقد تتلمذ محمد بن عثمان في هذا المجال على يد عالمين لهما باع طويل وخبرة واسعة في هذا الفن، وهما، علي بن المديني، ويحي بن معين.
وإلى هذين الجانبين من جوانب العلم، كان للشيخ دراية ومعرفة بعلوم القرآن، والعقيدة، والفقه، والتاريخ، حيث إنه ألف في كل فن من هذه الفنون مؤلفا مستقلا، وسيأتي الكلام عليها في مبحث مؤلفاته.
شيوخه:
يتبين لي من أسانيد الأحاديث والآثار المذكورة في هذا الكتاب الذي أقوم بتحقيقه، أن المؤلف- رحمه الله- روى عن الكثير من العلماء، وقد بلغ عدد الأشخاص الذين روى عنهم في هذا الكتاب ثلاثة وخمسين شخصا، ولا شك أن هذا عدد كبير إذا ما قورن بحجم الكتاب، وهو يدل على كثرة شيوخه الذين تلقى العلم على أيديهم.
وقد أشار العلماء الذين ترجموا لحياة المؤلف- رحمه الله- إلى كثرة شيوخه، وسعة سماعه، قال الخطيب البغدادي:"وحدث عن [1] كتاب"ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل": ص 178.
2 كتاب"المتكلمون في الرجال": ص 100.