وقد استطاع محمد بن عثمان أن يكتسب لنفسه لقب الحافظ، وأن يتصدر مكانة مرموقة بين علماء عصره في هذا المجال، وأصبح من أكبر مشائخ الحديث في الكوفة، حتى قيل:"مات حديث الكوفة بموت موسى بن إسحاق، ومحمد بن عثمان، وأبي جعفر الحضرمي، وعبيد ابن غنام"[1].
وقد بقيت هذه المكانة له بعد انتقاله إلى بغداد، فقد كان طلاب العلم من أهل بغداد وغيرهم من طلاب العلم الوافدين إليها يزدحمون على مجلسه ودروسه، وقد أحب الشيخ بغداد وأهلها لما رأى منهم من حب العلم وأهله، كما أن أهل بغداد عرفوا قيمته ومنزلته، قال جعفر بن محمد بن نمير الخلدي: سمعت محمد بن عثمان بن أبي شيبة وقد قال له قوم غرباء من أصحاب هذا الحديث: يا أبا جعفر نحن قوم غرباء فزدنا، فقال:"لكم حق ولجيراني حقوق، هؤلاء- يعني من حوله من أهل بغداد- إن مرضت عادوني، وإن مت حضروني وإن مروا بقبري ترحموا علي، وأنتم تفارقوني، ولا أعلم ما يكون منكم"[2].
وقد بلغ المؤلف من علمه في الحديث أن أصبح مقصد طلاب العلم ورواة الحديث حتى ازدحم بهم مجلسه، وأصبحوا يتنافسون في السماع منه، والقصة التي أوردناها قبل قليل هي أصدق دليل على ذلك.
1"تاريخ بغداد": (3/ 46) .
2"تاريخ بغداد": (3/ 42) .