responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين    الجزء : 1  صفحة : 161
وأمرت غلماني بحمله حتى حصل في المحمل، وركبت في الشّق الآخر.
وسرت من وقتي لم ألق أمير البلد ولا غيره، وسرت بالرّجل ليس معه أحد إلى أن صرنا بظاهر دمشق، فابتدأ يحدّثني بانبساط إلى أن أتينا إلى بستان حسن في الغوطة، فقال: ترى هذا؟ قلت: نعم. فقال: إنّه لي، وفيه غرائب من الأشجار. ثم انتهينا إلى آخر، فقال لي مثل ما قال في الأوّل ثم انتهينا إلى مزارع حسان وقرى سريّة، فأقبل يقول: هذا لي. ويصف لي كلّ شيء من ذلك، فاشتدّ غيظي منه، وقلت: أعلمت أنّي شديد التّعجّب منك؟ قال: ولم تعجب؟ قلت: أولم تعلم أنّ أمير المؤمنين قد أهمّه أمرك، حتى أرسل إليك من انتزعك من بين أهلك وولدك ومالك، وأخرجك عن جميع حالك وحيدا فريدا مقيّدا لا تدري إلى ما تصير إليه، ولا كيف تكون، وأنت فارغ البال، تصف بساتينك وضياعك، هذا بعد أن رأيتك وقد جئت وأنت لا تعلم فيم جئت. وأنت ساكن القلب، ولقد كنت عندي شيخا فاضلا.
فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، أخطأت فراستي فيك، ظننت أنّك رجل كامل العقل، وأنّك ما حللت من الخلفاء بذا المحلّ إلاّ بعد أن عرفوك بذلك، فإذا عقلك وكلامك يشبه عقل العوام وكلامهم، الله المستعان، أمّا قولك في أمير المؤمنين وإزعاجه لي وإخراجه إيّاي على صورتي هذه، فإنّي على ثقة بالله عزّ وجلّ الذي بيده ناصية أمير المؤمنين، ولا يملك لنفسه معه ضرّا ولا نفعا إلاّ بإذن الله ومشيئته، ولا ذنب لي عند أمير المؤمنين أخافه، وبعد ذا إذا عرف أمري وعلم سلامتي وصلاح ناحيتي، وأنّ الحسدة والأعداء رموني [1] بما لست من طريقه، وتقوّلوا عليّ الأباطيل الكاذبة، لم يستحلّ دمي، وتحرّج من إيذائي وإزعاجي يردّني مكرّما، أو أقامني ببابه معظّما، وإن كان سبق في علم الله تعالى أنّه تبدر إليّ منه بادرة سوء، وقد حضر أجلي، وحان سفك

[1] في الأصل: ارموني.
اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست