اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين الجزء : 1 صفحة : 158
والمؤتمن [1] أولاده، فدعاني وهو على حال [2]، فقال: إنّي دعوتك لأمر يهمني قد منعني النوم، فانظر كيف تعمل وتكون؟ ثمّ قصّ عليّ قصّة الأموي، وقال: اخرج الآن فقد أعددت لك الراحلة وأزحت علّتك في الزّاد والرّاحلة والنّفقة والآلات، وضمّ إليك مئة غلام فاسلك البريّة، وهذا كتابي إلى أمير دمشق، [وهذه قيود] [3] فادخل، فابدأ بالرجل، فإن سمع وأطاع، فقيّده بها وائتني به، وإلا فتوكّل به أنت ومن معك لئلا يهرب، وأنفذ الكتاب إلى أمير دمشق ليركب في جيشه، واقبضوا عليه، وتجيئني به، وقد أجّلتك لذهابك ستا ولعودك ستا، ويوما لمقامك، وهذا محمل تجعله في شقّة وأنت في الأخرى، ولا تكل حفظه إلى غيرك حتى تأتيني به في اليوم الثالث عشر، وإذا دخلت داره فتفقّدها وجميع ما فيها، وولده وأهله وحاشيته وغلمانه، وما يقولون، وقدّر النّعمة والحال والمحل، واحفظ ما يقوله الرّجل حرفا حرفا، وإيّاك أن يشكل عليك شيء من أمره.
قال منارة: فودّعته وانصرفت وخرجت، فركبت الإبل، وسرت أطوي المنازل، وأسير الليل والنهار، ولا أنزل إلاّ للجمع بين الصّلاتين والبول وتنفيس [4] الناس قليلا، إلى أن وصلت دمشق في أوّل اللّيلة السّابعة، وأبواب البلد مغلقة، فكرهت طرقها، فنمت بظاهر البلد إلى أن فتح بابه من غد، فدخلت على هيئتي حتّى أتيت باب الرّجل، وعليه صفف [5] كثير عظيم، [1] المؤتمن وهو القاسم بن هارون الرشيد، كان أبوه بايع له بالخلافة بعد المأمون، أغزاه الرشيد أرض الروم، واستخلفه على الرقة، ولمّا ولي الأمين عزله عن الجزيرة وأبقاه على قنسرين والعواصم، ولما ولي المأمون خلعه من ولاية العهد، وترك الدعاء له على المنابر. وكان هذا العزل لطيش فيه وخفه وسوء تصرف، مات بحياة المأمون. تاريخ بغداد 12/ 403، الأعلام. [2] في الفرج بعد الشدة: فدعاني وهو خال. [3] ما بين معقوفين مستدرك من الفرج بعد الشدة. [4] في الأصل تنعيس، وما أثبتناه من الفرج بعد الشدة. [5] الصّفف: مفردها صفّة، وهي من البنيان شبه البهو الواسع الطويل السميك. اللسان-
اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين الجزء : 1 صفحة : 158