اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 87
واقعة واحدة لقصة شعبية. وكذلك يوحي أصل كلمة ballad بالرقص، ومنها رقص "الباليه ballet" المعروف. ومعنى هذا أن البالاد كانت قصة تنشد أو تغنى في أثناء الرقص وعلى إيقاعه, ولكنها في نماذجها الحديثة قد استقلّت عن الرقص وعن الغناء على السواء، وهي أقرب إلى أن تقوم بمهمة القصة القصيرة حين تتوجه إلى موضوع شعبي.
وإذا كنا لا نجد للملحمة نماذج مباشرة في الأدب العربي فإن الأمر يختلف بالنسبة لشعر البالاد, وبعض الدارسين يجد في الشعر العربي محاولات قريبة الشبه من هذا النوع الشعري[1]، تتمثل له في شعر "الصعاليك" في العصر الجاهلي، وشعر هذيل، وفي شعر عمر بن أبي ربيعة، وغيرهم. على أننا نجد محاولات معاصرة في الأدب العربي لكتابة القصة القصيرة الشعرية، كمحاولات الشاعر خالد الجرنوسي، إلا أن هذا اللون غير رائج؛ لأن القصة القصيرة النثرية تملأ الميدان.
وهكذا نجد أننا في غير حاجة لأن نشغل أنفسنا كثيرًا بالشعر القصصي؛ لأنه لا يعيش بيننا الآن.
أما الشعر الغنائي, فإن لدينا منه تراثًا هائلًا إن لم يكن كل تراثنا الشعري غنائيًّا، وقد ذكرنا أقسام هذا الشعر الغنائي في الأدب الأوروبي. والحق أننا لا نستطيع أن نتكلم عن هذه الأقسام في الشعر العربي القديم، وهي وإن اتفقت جميعًا في أنها تمثل الشعر الذاتي العاطفي، تختلف فيما بينها من حيث الإطار والبناء الفني، كما أنها تتفاوت في مدى صلتها بالعاطفة وبالفكرة، أما القصيدة الغنائية في الأدب العربي فقد كان لها في كل حالة إطار واحد. ومحاولة الخروج إلى أطر جديدة، كانت في الغالب تتمثل في الشعر الشعبي، كالزجل والقوما وكان وكان وغيرها، أما القصيدة التي تحددت أغراضها منذ وقت مبكر في المدح والرثاء والهجاء والفخر والغزل وما أشبه، فقد استمرت بشكلها التقليدي، حتى عند الشعراء المحدثين الذين كانوا يتبعون تلك التقاليد.
ولكن يحق لنا أن نسجل هنا أن نوعًا جديدًا من القصيدة قد أخذ مكانه في العصر الحديث عند الشعراء الأوروبيين، وبدأ يحتلّ مكانًا واضحًا عند شعرائنا الذين يحملون لواء التجديد. وهذا النوع يسمى "القصيدة الطويلة"، وهو -في رأيي- يعد تطورًا للملحمة الأدبية من جهة، ويرتبط بالقصيدة الغنائية من جهة أخرى، فالقصيدة الطويلة هي حلقة التطور التي ينتهي عندها الشعر القصصي, والشعر الغنائي. [1] انظر أحمد كمال زكي، شعر الألباد، مجلة الثقافة، العدد 828، سنة 1952.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 87