responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 79
كله، ولكنه حين لم يستطع التحرك في الخارج وتنفيذ رغباته، راح يتحرك في داخل نفسه. وتتمثل تلك الإرادة في هذه الحركة الداخلية التي امتدت إلى الخارج في صورة لفظية هي ما سميناه القصيدة. ومن ثم قد "يريد" الشاعر شيئًا ويقول شيئًا آخر, وتكون القصيدة عندئذ كالجهاز الذي يستطيع أن يستخدمه كل فرد بأسلوبه وبحسب طرقه؛ وبذلك يفهم كل منا الفكرة في القصيدة على نحو خاص مختلف إلى حد بعيد[1].
إن القصيدة في أبسط تصور لها لا تعدو أن تكون مجموعة من الألفاظ مرتبطة ومنسقة على نحو معين، ولكنها حين تتكون على هذا النحو تكون قد اكتسبت شخصية خاصة لها حيويتها ولها فعاليتها. وهذا الارتباط الخاص للألفاظ هو الذي ينشئ العلاقات الجديدة التي تتمثل لنا في صور التعبير المختلفة، التي تظهر دائمًا في الكتابة الشعرية، وأعني بصفة خاصة تكوين "الصورة"، فالألفاظ في ارتباطها تكون في القصيدة مجموعة من الصور التي تنقل إلينا الشعور أو الفكرة.

[1] أفكار فاليري السابقة مستقاة من كتابه Variete، وبخاصة الجزء الثالث.
الانفعال والفكرة:
وهنا يلزمنا العودة مرة أخرى للتفريق الذي بدأنا به هذا الفصل بين "الانفعال" و"الفكرة" من حيث اتصال الانفعال بالشعر والفكرة بالنثر، فالواقع أن الصورة الشعرية قد تنقل إلينا انفعال الشاعر "تجربته الشعورية"، ولكنها كذلك قد تنقل إلينا الفكرة التي "انفعل" بها الشاعر، وليست الصورة التي يكوِّنها خيال الشاعر إلا وسيلة من وسائله في استخدام اللغة على نحو يضمن به انتقال مشاعره "انفعالاته وأفكاره" إلينا على نحو مؤثر. ولما كانت الصورة دائمًا تعتمد على الألفاظ الحسية "معروف أن ألفاظ اللغة إما حسية كلفظ "كتاب" وإما معنوية أو تجريدية كلفظ "إنسانية""، سواء ما يدل منها على الأشياء أو الأوصاف "كما تقول: حلو، بارد، أخضر ... إلخ"، فإنها لذلك كانت أقرب شيء إلى إدراكنا. والصورة كما تكون مجموعة من الألفاظ تكون لفظًا واحدًا, والشاعر -في بحثه وتركيبه للصورة- يستخدم اللفظ المفرد كما يستخدم المجموعة من الألفاظ، وبذلك يمكننا أن نقول: إن القصيدة مجموعة من الصور.
وينبغي أن نقف هناك قليلا لندرس بشيء من التحليل "الصورة الشعرية"؛ لأنها في الحقيقة هي أداة الشاعر؛ ولأن لها فلسفة قديمة وأخرى حديثة، ينبغي أن نتبين ما بينهما من فروق؛ لأنه على أساس هذه الفروق يكون النظر إلى الشعر القديم والشعر الحديث، والحكم عليهما.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست