اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 27
"هيوم"[1] عملًا فلسفيًّا حاسمًا في الثانية والعشرين، فهل العبقري في الحقيقة مبدع أم مجرد منفذ يعبر روح العالم وعقله عن نفسيهما من خلاله؟ "[2].
فإذا قلنا: إن العبقرية مبدعة أسقطنا -أو استطعنا أن نسقط- أثر البيئة وأثر المجتمع في إنتاج الفنان والأديبح لأن "موزار" في سن السادسة لا يمكن أن يقال: إنه حين ألف أعمالًا موسيقية كان قد اتخذ لنفسه "موقفا فكريا" خاصا من مجتمعه، وإن تأليفه كان متأثرًا بهذا الموقف.
وإذا قلنا: إن العبقرية مجرد منفذ ألغينا كيان الأديب وفرديته، وقربنا من القول بالآلية.
وليس هنا مجال التوسع في شرح هذه المسائل[3]، ولكن الذي يهمنا هو أن نكون على وعي بموقف الأديب من المجتمع، فالأديب له فرديته ولا شك, ولكنها الفردية المتحققة بوجود المجموعة وفيها. وهو كذلك له عبقريته المبدعة، ولكن ما يبدعه لا تكون له قيمة إلا بما يحدث من أثر في المجموعة.
فالأدب إذن -في عبارة موجزة- قيمة إنسانية اجتماعية. [1] دايفيد هيوم David Hume "1711-1776 م": فيلسوف إسكتلندي، قال: إن الاختيار مصدر المعرفة كلها. [2] Joyce cary: What does Art create., ed, in "Literature and Life", London 1951, 2nd vol. p. 35. [3] للتوسع في ذلك راجع كتابنا "الأسس الجمالية في النقد العربي" دار الفكر العربي، ط8 سنة2001, وكذلك كتابنا "التفسير النفسي للأدب" ط4 دار غريب.
4- مناهج دراسة الأدب:
ومن الممكن النظر إلى التاريخ كله، والعوامل البيئية كلها، على أنها تشكل العمل الفني. ومعظم دارسي الأدب يحاولون أن يعزلوا مجموعة خاصة من ألوان النشاط والإبداع البشري، ويعزون إليها وحدها الأثر الحاسم في العمل الأدبي؛ ومن ثَمَّ تنظر مجموعة من الدارسين إلى الأدب على أنه -بصفة أساسية- نتاج مبدع فرد، وينتهون من ذلك إلى أن الأدب ينبغي أن يفحص -بصفة أساسية- من خلال الترجمة لحياة المؤلف، ودراسة نفسيته.
ومجموعة ثانية تبحث عن العوامل الأساسية الحاسمة للإبداع الأدبي في حياة الإنسان العامة, تبحث عنها في الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ومجموعة أخرى تبحث عن التفسير السببي للأدب بصفة خاصة في نتاج جمعي آخر للعقل البشري، كتاريخ الأفكار وتاريخ الديانة والفنون الأخرى.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 27