اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 133
تمثل على المسرح[1]؛ لأنها بذلك ستستفيد من وضعها على المسرح أن يشاهد المتفرج الحركة بعينه، ويحس بالعواطف التي توجهها، وهو بذلك ينتقل إلى أن يصبح كأنه واحد من أولئك الممثلين الذين يتحركون أمامه.
هذه النظرية تحتم أن تكون هناك علاقة بين المسرحية وبين أداء الممثلين لها في المسرح وأمام المتفرجين؛ وهي نظرية لها قوتها ولا شك، ولعلها تكاد تكون قاعدة يعتمد عليها كل ناقد مسرحي.
ولكننا نجد نظرية مقابلة تضع أساسًا آخر للنقد المسرحي يقول بها الناقد أشبنجارن J. E. Spingarn حين يقرر أن "كاتب الفن المسرحي لا يحاسب على أساس غير الأساس الذي يحاسب به أي فنان مبدع آخر، وهو: ما الشيء الذي حاول أن يعبر عنه، وكيف عبر عنه؟ "[2]. وقد راح أشبنجارن يقتبس من أرسطو في كتابه "فن الشعر Poetics" عبارات يعزز بها نظريته، فنقل عنه قوله: "يمكننا أن نتأكد من أن قوة التراجيديا يمكن الإحساس بها بعيدًا عن التمثيل والممثلين". وكذلك "ينبغي أن يكون بناء الحوادث بحيث يجعل المستمع إلى القصة حين تروى -ودون مساعدة العين- يرتجف هلعًا، ويذوب شفقة لما هو واقع". وأخيرًا قوله: "إن التراجيديا -كالشعر الملحمي- يمكن أن تحدث أثرها بغير الحركة action، فمجرد القراءة يكشف عما بها من قوة"[3].
وهنا يظهر التناقض، فنظرية تقول بلزوم المسرح والممثلين والمتفرجين حتى تأخذ المسرحية وضعها الفني الكامل، وحتى تنكشف قوتها الكاملة في خلال التمثيل والحركة التي يقوم بها الممثلون على المسرح، والتي تتمثل كذلك في أحاديثهم، ونظرية تقول بأن هذه العلاقة بين المسرحية وبين المسرح والممثلين والمتفرجين علاقة عرضية، وأن المسرحية مسرحية بغير هذه الأشياء، وأنها تستطيع أن تحدث أثرها الفني المنشود, دون الاعتماد على شيء سوى القراءة.
وينتهي "كلارك" من هذا التعارض بأن الشخص العادي حين يذهب إلى المسرحية ويعجب مثلا بمسرحية "ماكبث" لشكسبير, فإنه في الحقيقة -حين نسأله عن سبب ارتياحه- قد وجد متعة لا في جمال لغة شكسبير, ولا في الآثار المسرحية ولكن في الموسيقى والرقص. ويقول: [1] انظر: T. S. Eliot: Points Of View, p 61. [2] Clark: op. cit., p. 210. [3] المرجع نفسه.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 133