اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 48
وجاءته امرأة فقالت: يا رسول الله احملني على حمار [1]، قال: أحملك / على ولد [27 ب] الناقة، قالت: لا يطيقني، قال لها الناس: وهل الجمل إلاّ ولد الناقة، وجاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إنّ زوجي مريض، وهو يدعوك، فقال لها: لعل زوجك الذي في عينيه بياض، فرجعت وفتحت عين زوجها، فقال: مالك، قالت: أخبرني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن في عينيك بياضا، فقال: وهل أحدٌ إلاّ وفي عينيه بياض، وقالت أخرى: يا رسول الله أدع الله أن يدخلني الجنة، فقال: يا أمّ فلان إنّ الجنة لا يدخلها عجوز، فولّت وهي تبكي، فقال عليه السلام: أخبروها أنها لا تدخل الجنة وهي عجوز، إن الله تعالى قال: [إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا، عُرُبًا أَتْرَابًا] [2]، وبالجملة فصفاته وشمائله، وما انطوى عليه أجلّ من أن يحيط به وصف، وأشرف من أن يضم جواهرها نظم، أو رصف، فلو جرى القلم إلى أن يحفى، وصرّ لسانه إلى أن يخفت ويخفى، ما جنى زهرا أنبتته حدائق تلك الحقائق، ولا التقط درّاً ملأ حقائب هاتيك الخلائق، إن في الموج للغريق لعذرا واضحا أن يفوته تعداده.
وروى الشارح بإسناده عن ابن سيد الناس إلى حريم بن أوس، قال: كنا عند رسول تالله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له عمه العباس: يا رسول الله إني أُريد أن أمتدِحك، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قل لا يفضض الله فاك [3]، فأنشأ يقول: (من المنسرح)
مِن قَبلِها طِبتَ في الظِلالِ وَفي ... مُستَودَعٍ حَيثُ يُخصَفُ الوَرَقُ (4)
ثم هبطتَ البلادَ لا بَشَرٌ ... أنتَ ولا مضغةٌ ولا عَلَقُ
بل نطفةٌ تركبُ السّفين وقد ... ألجمَ نسراً وأهلَه الغرقُ (5)
تنقَّلُ من صلبٍ إلى رحم ... إذا مضى عالمٌ بدا طبقُ
/حتّى احتوى بيتك المهيمن منْ ... خندف علياء تحتها النّطق [28 أ]
وَأَنتَ لَمّا وُلِدتَ أَشرَقَتِ الْـ ... ـأَرضُ وَضاءَت بِنورِكَ الأُفُقُ
فنحن في ذلك الضّياء وفي النّـ ... 000 ... ور وسبل الرّشاد تخترق
عاد الكلام إلى بيت الطغرائي، هذه الصفات التي ذكرها قلَّ ما تجتمع في إنسان إلاّ مَن خصّه الله بهذه الموهبة؛ لأنها مع تضادها محمودة، ولا يتفق ذلك إلاّ مِن اعتدال المزاج، وقول الناظم هذا يشبه قول أبي تمام [6]: (من الكامل) [1] في الغيث المسجم 1/ 273 احماني على جمل. [2] الواقعة 35 ـ 37 [3] انظر تاريخ الإسلام ـ الذهبي 1/ 8 / المكتبة الشاملة.
(4) نسب البيتان الأول والسادس للعباس بن مرداس، وهما في ديوانه / الموسوعة الشعرية.
(5) يشير بقوله نسرا إلى صنم قوم نوح المذكور في آية [وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا]
نوح 23 [6] ديوانه، ص 23
اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 48