responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 47
المعنى: إنه صاحب حلو المزاح، طيّب الأخلاق، كريه الجد، وهذه صفة مدح؛ لأن الشدة في الاجتهاد محمودة، فهو قد مزجت فيه الحلاوة من رقة الغزل، بالمرارة من شدة البأس، وما أحق صاحب هذا المعنى بقول القائل [1]: (من الطويل)
وكالسَّيفِ إنْ لايَنْتَهُ لانَ مَتْنُهُ ... وحَدَّاهُ إنْ خاشَنْتَهُ خشنانِ
وقد كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يباسط أصحابه وجلساءه، ويمزح حقاً، ويلين جانبه لمن حضره ويؤنسه، فإذا كانت الحرب، واشتد البأس، وحمي الوطيس يَقدُمُ أصحابه، ولقي بنفسه، ومن خصائصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جرّد سيفه لا يغمده حتى ينال به من عدوه، وتحريم الهزيمة عليه من العدّ في الحرب، ولا شكّ في لطفه ورحمته / وحنوه على قومه، [27 أ] وهم كافرون، يؤذونه ويكذبونه، ويصدّون عنه، ويحاربونه، وهو يحلم عليهم، ويشقّ عليه عنادهم، قال الله تعالى: [عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ] [2]، قال عليه السلام لما اتفق ما اتفق: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، حتى وصفه الله تعالى بكمال الأوصاف، فقال تعالى: [وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ] [3] ثناء على صفته الحميدة، وخلاله الجميلة، وكان عليه السلام أشد حياء من العذراء في خدرها، ولا شكّ أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النجدة والشجاعة والبأس والإقدام ولقاء العدو في الغاية التي تكبو دونها سوابق الأبطال، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كنَّا إذا اشتد الحرب اتّقينا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقربنا إلى العدو، وأبصر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثرقوة أبي بن خلف من فرجة من سابغة الدرع، وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوتُ إنْ نجا، فطعنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحربته، فوقع أبيٌّ عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم، ومع هذا فقد مزح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يقل إلاّ حقا.
قال الشارح: وفي سيرة الذهبي التي قرأتها عليه في ضمن كتاب التاريخ، قال زيد بن أبي الزرقاء [4] عن ابن لهيعة عن عمارة بن غزية عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أفكه الناس، تفرد به ابن لهيعة، وضعفه معروف، وجاء من طريق آخر لابن لهيعة: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أفكه الناس مع صبي [5]، انتهى.

[1] نسب هذا البيت لكل من: أبي الشيص الخزاعي، وبشار بن برد، وليلى الأخيلية، وهو في دواوينهم / (م)
[2] التوبة 128
[3] القلم 4
[4] المكتوب في المخطوط: ابن أبي الوفا، وفي الغيث المسجم 1/ 273: ابن أبي أوفى، وما أثبتناه من تاريخ الإسلام للذهبي 1/ 134/ المكتبة الشاملة
[5] تاريخ الإسلام ـ الذهبي 1/ 129، 134 / المكتبة الشاملة.
اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 47
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست