وصاح الشباب: هاجت زبراء، أي غضب
الأحنف، وزبراء اسم وليدته، فكنوا بها عنه من إجلاله. قال: وسمعت أبا الخنساء العنبري، قال:
سمعت الحسن يقول في مجلسه في المسجد: أقبل مسعود من هاهنا في أمثال الطير - وأشار بيده إلى
منازل الأزد - معلماً بقباء ديباج أصفر، معيّن بسواد، يأمر بالسنة وينهى عن الفتنة - فقال الحسن:
ألا إن من السُنّة أن يؤخذ ما فوق يديك - فأتوه وهو على المنبر فاستنزلوه علم الله فقتلوه. وذكروا أن
بنت مسعود لما بلغها مقتل أبيها يومئذ، ركبت دابة موكّفة وولّت وجهها نحو ذنبها، ونشرت شعرها،
وتجلببت مسحاً، منادية تقول: مسعود من نقتل بك! أحنف لا نعطى بك، قفيز لا نرضى بك - قفيز
كان قصيراً فسمي قفيزا، وقفيز عبد الله بن عبد الله بن عامر بن كريز، وكان عرض عليهم نفسه في
الصلح - حتى وقفت على مالك بن مسمع وهو عند دار العقار في سكة المربد، فقال لها ارجعي،
فقالت: لا، حتى أوتى برأس الأحنف. فأمر برأس رجل جميل، فأُتيت به فقالت: هذا رأس علج. فأمر
برأس رجل ضخم، فأُتيت به، فأزمت عليه بأنفه، وغمست طرفي كمّيها في دماء لغاديده، ثم
انصرفت لا تشك أنه الأحنف. فقال عرهم بن عبد الله بن قيس بن بلعدوية:
ومسعودَ بنَ عَمرِو إذا أتانا ... صَبَحْنَا حَدَّ مَطرُورٍ سَنينا
رَجا التأميرَ مسعودٌ فأضحَى ... صَريعاً قد أذَقنَاهُ المَنُونَا
سيُجمَعُ جَمعُنا لبني أبينا ... كما لَزُّوا القَرينَةَ والقَرينا
وتُغني الزُّطُّ عبدَ القيسِ عنّا ... وتكفينا الأسَاوِرَةُ المَزونا
الزط السيابجة، قوم من السند بالبصرة لهم قدم، وكانوا يحفظون بيت المال في الدهر الأول.
والمزون مدينة عمان. وقال:
جاءَتْ عُمانُ دَغَرَى لا صَفَّا ... بَكرٌ وجمعُ الأزْدِ حين التَفَّا