اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 485
عليهم الأرزاق [1] , فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك [2] , ثم تفقد أعمالهم، وابعث العيون [3] من أهل الصدق والوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم [4] على استعمال الأمانة والرفق بالرعية، وتحفظ من الأعوان، فإنْ أحد منهم بسط يده إلى الخيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك [5] , اكتفيت بذلك شاهدًا، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله، ثم نصبته بمقام المذلة ووسمته بالخيانة، وقلدته عار التهمة» [6].
وهنا يتحدث عن الموظفين التابعين للولاة والمحافظين على المدن والقرى وجباة الصدقات، وعلى عاتقهم مسئولية كبيرة لأن عملهم متصل بالناس بصورة مباشرة، ويتجلى في هذا النص أهمية هؤلاء في الجهاز الإداري؛ لأنهم يمثلون السلطة التنفيذية الحقيقية، فكان لابد من إشباع حاجاتهم حتى لا يطمعوا في مال غيرهم، ولا حقوقهم [7] , ويشير أمير المؤمنين على إلى أهمية العيون التي تقوم بأعمال الرقابة على الإدارات والوحدات وبيت المال، ويتم تعيينهم من قبل الوالي ويكون ارتباطهم معه، وهناك شروط يجب أن
تتوافر فيهم:
أ- أن يكونوا من أهل الصدق حتى تكون تقاريرهم واقعية صادقة.
ب- أن يكونوا من أهل الوفاء حتى يكون هدفهم هو الإخلاص للدولة، وبعد تقديم التقارير على الوالي أن يثبت بدقة ما في هذه التقارير ولا يسرع في الحكم على الأفراد، ومن أعمال هذا الجهاز فرض الرقابة على التجار وذوى الصناعات لمنعهم من الاحتكار وإيقاع الضرر بالناس، وما قاله أمير المؤمنين في رسالته للأشتر في هذه الفقرة يشير إلى أن دولة الخلافة الراشدة تهتم بدوام المباشرة لأحوال الرعية، وتفقد أمورها، والتماس الإحاطة بجانب الخلل في أفرادها وجماعاتها، وهذا مبدأ قرآني بينه المولى عز وجل على لسان سليمان عليه السلام: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ [1] أكمله ووسع لهم فيه. [2] نقصوا في أدائها أو خانوا. [3] العيون: الرقباء. [4] حدوة لهم: أي سوق لهم وحث. [5] اجتمعت عليه أخبار الرقباء. [6] شرح نهج البلاغة، ص (616). [7] الإدارة والنظام الإداري عند على، ص (266).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 485