اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 363
الوعاظ الذين يعقدون مجالس للوعظ تضاهى مجالس العلم، يعظون الناس فيها بالحكايات والإسرائيليات ونحوها، مما لا أصل له أو موضوع، أو مما لا تدركه عقول العامة، وقد منعهم أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه، لأنهم أخذوا يحدثون الناس بالغرائب والمتشابهات، وما لا تدركه عقولهم وما لا يعرفون [1] , وأذن أمير المؤمنين لمن كان متمكنًا من العلم الشرعي بأن يقص على الناس.
كانت حياة أمير المؤمنين في المجتمع دعوة للتوحيد ومحاربة للشرك، وكان حريصًا على تعليم الناس أسماء الله وصفاته وربط قلوبهم به وحده، وتذكيرهم بنعم الله وحضهم على شكرها، وقد كان رضي الله عنه مثابرًا على محو آثار الجاهلية، متخذًا جميع الوسائل الدعوية من خطابة ووعظ، وشعر وحكم، ولم يعش رضي الله عنه بعيدًا عن الناس بل عاش بينهم بأخلاقه وسمته وعلمه رضي الله عنه.
ثامنًا: ولاية الشرطة في عهد أمير المؤمنين على بن أبي طالب:
عندما تولى على رضي الله عنه أمر الخلافة كانت وظيفة الشرطة إحدى الوظائف المهمة المعروفة في الدولة، والقصص والآثار التي تحدثت عن دور الشرطة في عهد على رضي الله عنه كثيرة منها، ما رواه أصبغ بن نباته، أن شابًا شكا إلى على بن أبي طالب رضي الله عنه نفرًا، فقال: إنّ هؤلاء خرجوا مع أبي في سفر فعادوا ولم يعد أبي فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله: فقالوا: ما ترك شيئًا، وكان معه مال كثير، وترافعنا إلى شريح، فاستحلفهم وخلّى سبيلهم، فدعا علىّ بالشرطة، فوكّل بكلّ رجل رجلين، وأوصاهم ألا يمكنوا بعضهم يدنو من بعض، ولا يمكنوا أحدًا يكلمهم، ودعا كاتبه، ودعا أحدهم، فقال: أخبرني عن أبي هذا الفتى، أي يوم خرج معكم؟ وفي أي منزل نزلتم؟ وكيف كان سيركم؟ وبأي علة مات؟ وكيف أصيب بماله؟ وسأله عمَّن غسله ودفنه، ومن تولى الصلاة عليه، وأين دفن، ونحو ذلك، والكاتب يكتب، فكبر علىّ، وكبَّر الحاضرون والمتهمون لا علم لهم إلا أنهم ظنّوا أن صاحبهم قد أقرّ عليهم، ثم دعا آخر بعد أن غيب الأول عن مجلسه، [1] دراسات في الأهواء والفرق والبدع، ص (239).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 363