responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 355
نفسه فغالبها وسعى في قمعها، والأحمق هو الذي يجهل عيوب نفسه، وإن أعجبت بآرائك، فتفكر في سقطاتك واحفظها ولا تنسها، وفي كلّ رأى قدّرته صوابًا فخرج بخلاف تقديرك، وأصاب غيرك وأخطأت أنت، وإن أعجبت بعملك، فاعلم أنه لا حصة لك فيه، وأنه موهبة من الله مجردة، وهبك إياها ربك تعالى، فلا تقابلها بما يسخطه، فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها، تولّد عليك نسيان ما علمت وحفظت، وإن أعجبت بمدح إخوانك لك، ففكر في ذمّ أعدائك إياك، فحينئذ ينجلي عنك العجب، فإن لم يكن لك عدو، فلا خير فيك، ولا منزلة أسقط من منزلة من لا عدو له، فليست إلا منزلة من ليس لله تعالى عنده نعمة يحسد عليها- عافانا الله - فإن استحقرت عيوبك، ففكر فيها لو ظهرت إلى الناس، وتمثل إطلاعهم عليها، فحينئذ تخجل وتعرف نقصك [1].
ويقول ابن القيم أثناء حديثه عن الحكم والأسرار في قضاء السيئات وتقدير المعاصي: ومنها: أن الله سبحانه إذا أراد بعبده خيرًا أنساه رؤية طاعاته ورفعها من قلبه ولسانه، فإذا ابتلى بذنب جعله نصب عينيه، ونسى طاعته وجعل همه كله بذنبه، فلا يزال ذنبه أمامه، إن قام أو قعد، أو غدا أو راح، فيكون هذا عين الرحمة في حقه، كما قال بعض السلف: إن العبد ليعمل الذنب فيدخل به الجنة، ويعمل الحسنة فيدخل بها النار، قالوا: وكيف ذلك؟ قال: يعمل الخطيئة لا تزال نصب عينيه، كلما ذكرها بكى وندم وتاب واستغفر وتضرّع وأناب إلى الله، وذلّ له وانكسر وعمل لها أعمالاً فتكون سبب الرحمة في حقه، ويعمل الحسنة فلا تزال نصب عينيه يمنّ بها، ويراها، ويعتدّ بها على ربه وعلى الخلق، ويتكبر بها ويتعجب من الناس كيف لا يعظمونه ويكرمونه ويجلونه عليها، فلا تزال هذه الأمور به حتى تقوى عليه آثارها فتدخله النار [2]. هذا شرح موجز وسريع لقول أمير المؤمنين على رضي الله عنه: الإعجاب آفة الألباب [3].

[1] الأخلاق والسير، ص (77 - 71) باختصار.
[2] مفتاح دار السعادة (1/ 297، 298)، مدارج السالكين (1/ 177).
[3] جامع بيان العلم وفضله (1/ 57).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست