اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 351
أمير المؤمنين عليًا رضي الله عنه حذّر من مرض القلب الخطير المتعلق بإرادة الإنسان وقصده، وحث الناس على إفراد الله سبحانه وتعالى بالقصد والطاعة والالتزام بالسير على هدى السنة النبوية، فقد ثبت عنه أنه قال: لا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية، ولا نية إلا بموافقة السنة [1] , وروى عن الفضيل بن عياض أنه تلا قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:[2]]، فقال: أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا على ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إذا كان العمل خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا، لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص إذا كان لله عز وجل، والصواب إذا كان على السنة [2].
إن صور الرياء متعددة منها: ما يكون بالأعمال، كمن يصلى فيطيل القيام ويطيل الركوع والسجود ويظهر الخشوع عند رؤية الناس له، ومنها ما يكون من جهة القول، كالرياء بالوعظ والتذكير وحفظ الأخبار والآثار لأجل المحاورة وإظهار غزارة العلم، وتحريك الشفتين بالذكر في محضر الناس ويتغافل عنه في منزله، أو يكون الرياء من جهة الزى، كإبقاء أثر السجود على جبهته، ولبس الغليظ من الثبات وخشنها مع تشميرها كثيرًا ليقال: عابد زاهد، أو ارتداء نوع معين من الزى ترتديه طائفة يعدهم الناس علماء ليقال: عالم، أو يكون الرياء بالأصحاب والزائرين، كالذي يتكلف أن يستزير عالمًا أو عابدًا ليقال: إن فلانًا قد زار فلانًا، ودعوة الناس لزيارته كي يقال: إن أهل الخير يترددون عليه، وكذلك من يرائي بكثرة الشيوخ ليقال: لقي فلان شيوخًا كثيرين واستفاد منهم ليباهي بذلك، أو يكون الرياء لأهل الدنيا، كمن يتبختر ويختال في مشيته، أو يصعر خده أو يلف عباءته، أو يحرك سيارته حركة خاصة، أو يكون الرياء من جهة البدن، كأن يرائي بإظهار النحول والصفار ليوهم الناس أنه جاد في العبادة، كثير الخوف والحزن، وغير ذلك من الصور التي يرائي بها المراءون، يطلبون بذلك الجاه والمنزلة في قلوب العباد [3]. [1] الشريعة للآجرى (2/ 638)، إسناده فيه ضعف. [2] مدارج السالكين (2/ 89). [3] انظر: مختصر منهاج القاصدين، ص (215 - 217)، الشرك في القديم والحديث، أبو بكر محمد زكريا (1/ 171، 172).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 351