اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 350
فقد أشار أمير المؤمنين على رضي الله عنه في هذه الخطبة إلى أمرين خطيرين لهما تأثير كبير في حياة الناس وهما طول الأمل بالبقاء على قيد الحياة، فإنه يخدع الإنسان فيشغله بمشاريعه وطموحاته الدنيوية، ويمنية بتأجيل الأعمال الصالحة وينسيه الحياة الآخرة، فيتضخم عمله للدنيا ويتضاءل عمله للآخرة، ولو أن كل إنسان وضع في مخيلته أنه معرض للموت في كل ساعة لأصبح العمل للدنيا قليلاً بقدر الضرورة، ولأصبح العمل للآخرة كثيرًا لأنه هو الذي سيبقى بعد الموت، وأما اتباع الهوى فإنه يغير اتجاه صاحبه، ويجعل الهدف الأعلى في فكره هو تحقيق هوى نفسه وهوى من يعمل تحت إرادتهم، وينسى الهدف الإسلامي الأعلى الذي هو ابتغاء رضوان الله تعالى وفضله في الجنة، وبناء على تغير الأهداف فإن مناهج العمل تتغير فتصبح مناهج دنيوية يُراد بها تحقيق أهداف لا تتجاوز الحياة الدنيا، كما تتغير العلاقات والروابط، فتصبح الأخوة قائمة على المصالح الدنيوية بدلاً من الإيمان والتقوى، إلى غير ذلك مما يترتب على تغير الأهداف [1].
3 - الرياء: قال أمير المؤمنين على رضي الله عنه: لا تعمل شيئًا من الخير رياءً، ولا تتركه حياء [2] , وقال رضي الله عنه: للمرائي ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويزيد في العمل إذا أثنى عليه، وينقص إذا ذم به [3] , وقد جاءت نصوص الشرع بتسمية الرياء شركًا أصغر، فقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»،قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء، يقول الله تعالى يوم القيامة، إذا جازى الناس بأعمالهم، اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء» [4] ,وعن شداد بن أوس قال: كنا نعد الرياء على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الشرك الأصغر [5].
إن [1] التاريخ الإسلامي للحميدى (20/ 276). [2] أدب الدنيا والدين، ص (110). [3] الكبائر للذهبي، ص 145، فرائد الكلام، ص (338). [4] مسند أحمد (5/ 428، 429)، إسناده حسن. [5] الحاكم (4/ 329)، صححه الألباني في صحيح الترغيب (1/ 18).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 350