اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 291
وحده هو الرزاق، وهو الخالق وحده، وهو المالك وحده، القادر على كل شيء، فلَمِ يرجو المؤمن سواه أو يخاف من غيره؟ ولقد عبر أمير المؤمنين على - رضي الله عنه - عن الخوف من الله تعالى بالخوف من الذنوب لأن المراد هو الخوف من عاقبتها وهو عذاب الله تعالى، فهو إرشاد لأهم السبل الموصلة إلى تحقيق مقام الخوف من الله تعالى، ثم بَيَّن شيئًا من آداب التعلم لأن أمور الدين إنما تؤخذ بالعلم، فيذكر من آداب المتعلم أن لا يمنعه الحياء من التعلم حتى لو كان كبير السن، أو القدر، ويذكر من آداب المعلم أن لا يمنعه الحياء من أن يقول لا أعلم فهي- «لا أعلم» - أحفظ لدينه ودين من سأله.
ثم يختم وصيته النافعة ببيان أصل من أصول الإيمان، ألا وهو الصبر حيث يعتبره من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، وذلك أن نجاح الأمور كلها يقوم على الصبر سواء في أمور الدنيا أو الآخرة [1] , وقد مارس أمير المؤمنين على - رضي الله عنه - مقام الصبر في حياته منذ نعومة أظافره، وإسلامه سرًا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرورًا بما لاقاه في المغازي والسرايا، وعهد الخلفاء الراشدين وما صحبها من أحداث جسام، ومن ثم ما واجهه من صنوف الفتن في خلافته، إلى أن أنتهى الأمر بقتلهن كل هذه المراحل في حياته فيها الدروس البليغة لدعاة اليوم، والتنبيه لهم لما تحتاجه الدعوة إلى الله، سبحانه وتعالى، من الصبر والتحمل ودفع الثمن [2] ابتغاء مرضاة الله تعالى، وكان - رضي الله عنه - يحث أصحابه على مقام الصبر، فقد قال - رضي الله عنه - للأشعت بن قيس: «إنك إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور» [3] , وقال رضي الله عنه: «ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس بار الجسم»، ثم رفع صوته فقال: «ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له» [4] , وقال: «الصبر مطية لا تكبو»، والصبر له مكانته المعروفة في دين الله، فقد ذكر الله [1] التاريخ الإسلامي (12/ 443). [2] منهج على بن أبي طالب في الدعوة إلى الله، ص (525). [3] أدب الدنيا والدين، ص (278)، فرائد الكلام، ص (371). [4] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين لابن القيم، ص (153).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 291