اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 283
النبوية الرشيدة، فكانت هذه الصفة متجسدة في شخصيته الفذة، وإليك بعض المواقف:
(أ) أنا الذي أهنت الدنيا: عن صالح بن أبي الأسود عمن حدثه أنه رأى عليًا قد ركب حمارًا ودلى رجليه إلى موضع واحد ثم قال: أنا الذي أهنت الدنيا [1] , وهكذا يشعر أمير المؤمنين على بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالفرح لانتصاره على نفسه، وظهوره بمظهرالتواضع أمام الناس وهو خليفة المسلمين، إن مناصب الدنيا خداعة غرارة، وإن فتنة الجاه بها أعظم من فتنة المال، فلطالما رئى أناس مسئولون كانوا متواضعين قبل أن يلوا، فلما تولوا مناصب كبيرة بدأ التعاظم في نفوسهم شيئًا فشيئًا، حتى يكون من الصعب في آخر الأمر مخاطبتهم، واللقاء معهم، لكن أولياء الله المتقين كلما ازدادوا رفعة في المناصب الدنيوية زادوا تواضعًا للناس، وشعروا بالسرور وهم يقومون بمظاهر التواضع التي تنفي عنهم صفة التجبر والكبرياء [2].
(ب) أبو العيال أحق أن يحمل: روى عن على - رضي الله عنه- أنه أشترى تمرًا بدرهم فحمله في ملحفة، فقالوا: نحمل عنك يا أمير المؤمنين، قال: لا، أبو العيال أحق أن يحمل [3]، فهذا مثل من تواضعه حيث حمل متاعه بنفسه مع كونه أمير المؤمنين ومع كبر سنة، فلم ير في ذلك مسوغًا لقبول خدمة الناس له، وهو بهذا يجعل من نفسه قدوة حسنة للمسلمين في التواضع، فلو نازعت أحد الكبراء نفسه في تصور العيب من حمل المتاع فإنه بتذكره لموقف أمير المؤمنين على - رضي الله عنه - يزول ما في نفسه من ذلك، ولو اعترض على أحد المتواضعين معترض فإن له من الاقتداء بأكبر أمير على وجه الأرض ما يرد
هذا الاعتراض [4]. [1] البداية والنهاية (8/ 5). [2] التاريخ الإسلامي (17/ 63) للحميدى. [3] الزهد للإمام أحمد، ص (13). [4] التاريخ الإسلامي (17/ 64).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 283