اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 282
كان كذلك، يعنى بغضه له، كما دلت عليه الآية السابقة، وفي هذا من الحث علىالتواضع ما فيه الكفاية للمؤمن [1] , غير أن القرآن الكريم لم يقتصر على ذلك، بل نوه بالمتواضع أيما تنويه حيث قال الله جل ذكره: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} [الفرقان:63].
وهذا تنويه عظيم بالمتواضعين حيث وصفهم بالعبودية له، وذلك أعظم تشريف لهم، لأن العبودية له، سبحانه، هى أشرف الأوصاف، ومن أعلى مراتب المحبين، وبذلك يتفاخرون ولذلك يقول الشاعر:
ومما زادني شرفًا وتيهًا ... وكدت بأخمصى أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ... وأن صيرت أحمد لي نبيًا (2)
وكان نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذروة الذرا من هذا الخلق العظيم في كل صوره وأشكاله، ولا غرابة في ذلك فهو الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، وكان مما أدبه الله تعالى به في هذا الخلق قوله سبحانه وتعالى: {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر:88] وقوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:215]. وخفض الجناح كناية عن التواضع لهم والرفق بهم [3]، وقد قام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك حق القيام، وظهر أثر التواضع في كل أحواله الذاتية والاجتماعية والأسرية، وفي كل زمان ومكان بحيث لا يخلو حال من أحواله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن التواضع لله تعالى والمؤمنين [4] , وقد تأثر أمير المؤمنين على - رضي الله عنه - بالتربية القرآنية الكريمة، والتربية [1] أخلاق النبي في القرآن والسنة، أحمد الحداد (1/ 454).
(2) المصدر نفسه (1/ 455). [3] روح المعاني للألوسى (5/ 80). [4] أخلاق النبي في القرآن والسنة (1/ 459).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 282