اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 430
وكانت المدينة فى تلك الفترة يسكنها عدد كبير من علماء الصحابة يضاف إليهم عدد من التابعين ممن تتلمذوا على الصحابة العلماء وساروا بسيرتهم ونهجوا نهجهم، وهؤلاء كانوا خليطًا من المهاجرين والأنصار ومن غير المهاجرين والأنصار، وقد جعل هؤلاء القوم همهم العبادة وتعليم الناس ورواية ما حفظوه من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا يدخلون فيما دخلت فيه الأمة ولا ينزعون يدًا من جماعة، ومن هؤلاء عبد الله بن عمر، وعبد الله بن العباس، وأبو هريرة وأبو سعيد الخدرى، وجابر بن عبد الله [1]. كانت أجواء المدينة خيرًا على الحياة العلمية، حيث تفرغ طلاب العلم فيها لرواية الحديث، وتفسير القرآن، واستنباط الأحكام الفقهية فقصدها الناس من أجل العلم، فقد كان بها الهدوء والاطمئنان الذى يساعد على العلم والبحث [2].
1 - العلاقة بين الحسن ومعاوية رضى الله عنهما بعد الصلح:
كان الحسن بن على يقدم على معاوية فى خلافته، فقدم عليه ذات مرة فقال له معاوية: لأجيزنك بجائزة ما أجزت بها أحدًا قبلك ولا أجيز بها أحدًا بعدك، فأعطاه أربع مائة ألف فقبلها [3]، وجاء فى رواية: أن الحسن بن على كان يفد كل سنة إلى معاوية فيصله بمائة ألف درهم، فقعد سنة عنه ولم يبعث إليه معاوية بشىء فدعا بدواة ليكتب إليه فأغفى قبل أن يكتب فرأى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى منامه كأنه يقول: يا حسن أتكتب إلى مخلوق تسأله حاجتك وتدع أن تسأل ربك؟ قال: فما أصنع يا رسول الله وقد كثر دينى؟ قال: قل اللهم إنى أسألك من كل أمر ضعفت عنه قوتى وحيلتى ولم تنته إليه رغبتى، ولم يخطر ببالى ولم يبلغه أملى، ولم يجر على لسانى من اليقين الذى أعطيته أحدًا من المخلوقين الأولين والمهاجرين والآخرين إلا خصصتنى يا أرحم الراحمين. قال الحسن: فانتبهت وقد حفظت الدعاء فكنت أدعو به فلم يلبث معاوية أن ذكرنى فقيل له: لم يقدم السنة، فأمر [له بمائتي ألف درهم] (4)
[وفي رواية أن الدعاء الذي علمه النبي - صلى الله عليه وسلم -] [1] تاريخ الطبرى (6/ 80)، المدينة فى العصر الأموى، ص (84) شرّاب. [2] المدينة فى العصر الأموى، شراب، ص (62). [3] سير أعلام النبلاء (3/ 269).
(4) تاريخ دمشق (14/ 8).
اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 430