responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 427
إياك وحب الرياسة، فإن الرجل تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء، فتفقد نفسك واعمل بنية، واعلم أنه قد دنى من الناس، أمر يشتهى الرجل أن يموت [1].
فالحسن بن على يعلمنا كيف نترك المناصب والكراسى إذا كان تركها رضاءً لله، ومصلحة للأمة، وحقنًا لدمائها، وعملاً على توحيدها، ومن الأمور التى تساعدنا على الزهد فى الدنيا قصر الأمل، وذكر الموت وزيارة القبور، وكان الحسن بن على مكتوب على خاتمه:
قدّم لنفسك ما استطعت من التقى ... إن المنية نازل بك يا فتي
أصبحت ذا فرح كأنك لا ترى ... أحباب قلبك فى المقابر والبلى (2)
لقد كان الحسن بن على من زهاد عصره، ونال فى مقام الزهد القدح المعلى، فقده ترك الدنيا وحطامها واشتغل برضا الله تعالى، وكان له فى ذلك شغل عن طلب المنزلة عند الخلق، ومع هذا فقد أعطاه الله المنزلة فى قلوب الخلق والشرف عندهم، وإن كان لا يريد ذلك ولا يقف معه، بل يهرب منه أشد الهرب خشية أن يقطعه الخلق عن الحق جل جلاله، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]. أى فى قلوب عباده، وفى الحديث: "إن الله إذا أحب عبدًا نادى: يا جبريل إنى أحب فلانًا فيحبه جبريل، ثم يحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول فى الأرض" [3]، وبكل حال فطلب شرف الآخرة يحصل معه شرف فى الدنيا، وإن لم يرده صاحبه ولم يطلبه، وطلب شرف الدنيا لا يجامع شرف الآخرة، ولا يجتمع معه، والسعيد من آثر الباقى على الفانى، قال أبو الفتح البُستى:
أمران مفترقان لست تراهما ... يتشوقان لخلطة وتلاقى
طلب المعاد مع الرياسة والعُلى ... فدع الذى يفنى لما هو باقى (4)

[1] حلية الأولياء (6/ 376)، فقه الفتن، عبد الله شعبان، ص (142).
(2) تاريخ دمشق (14/ 86).
[3] مسلم، رقم (2637).
(4) أمراض النفس، د. أنس كرزون، ص (77).
اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 427
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست