اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 373
[2] - الترغيب في القيام بالإصلاح:
ولقد رتب الله تعالى على القيام به فضلاً كبيرًا وأجرًا عظيمًا، يناله القائم بذلك ابتغاء مرضاة الله تعالى كما قال الله جل شأنه: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114]. ووعد القائمين به مغفرة ورحمة، كما يفيده قول الله جل ذكره: {وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 129] فإن في هذه الآية إشارة إلى مغفرة بن ورحمته للمصلحين، كَما أذن به ختم الآية بصفتى المغفرة والرحمة لله سبحانه وتعالى [1]، ومثل هذه الآية قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 182]، فإن فيها من الإشارة إلى مغفرته ورحمته سبحانه للمصلح ما في سابقتها، بدلالة نفى الإثم، وتذييلها بصفتى المغفرة والرحمة، وهى إشارة جلية [2] وقد وصف سبحانه نفسه بقوله: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170].
3 - التنويه بالصلح والقائمين عليه:
وتكرار هذا الوعد يدل على علو شأن الإصلاح بين الناس عند الله تعالى، ولذلك أجزل للقائم به تلك المثوبة الكريمة والأجر العظيم، وقد دل على ذلك أيضاً تنويه الله تعالى به بمثل قوله سبحانه: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] فإن وصفه بالخيرية دليل على علو منزلته عند الله تعالى، وذلك لما له من عظيم الأثر في إصلاح ذات البين بين الناس، الذي طالما تشوف الشارع الحكيم إليه في المجتمعات الإنسانية، ولما له من دلالة على كريم أخلاق القائم به أو الراضى عنه، ولهذا كان من أبرز أخلاق الرسل عليهم الصلاة والسلام كما قال الله تعالى على لسان شعيب عليه السلام: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} [هود: 88]، كما قال على لسان موسى وهو يخاطب أخاه هارون رضي الله عنه: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142] إلى غير ذلك من الآيات، والإصلاح في [1] أخلاق النبى - صلى الله عليه وسلم - في القرآن والسنة (2/ 971). [2] أخلاق النبى - صلى الله عليه وسلم - في القرآن والسنة (2/ 971).
اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 373