اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 355
الرسول - صلى الله عليه وسلم -وهو نبيه وجدُّه- يتكلم بهذه الكلمات رأى السرور في أسارير وجهه، والبريق في عينيه - صلى الله عليه وسلم -، فتمسك بها كهدف من أهداف حياته، وكالمثل الأعلى له في مستقبله.
وقد ظهرت آثار هذه النبوءة في جميع حركاته وسكناته، حتى في الحديث مع والده الكبير الذي يحبه حبّ الأبناء البررة للآباء العظام الذين خصهم الله بمواهب ومناقب، قلّما يشاركهم فيها أفراد الأمة، وكان من أعرف الناس بها بحكم البنوة والصحبة، ويجلّه إجلال العارفين والمعجبين، وقد أشار على أبيه علىّ بن أبي طالب بعد مقتل عثمان أن يعتزل الناس إلى حيث شاء من الأرض حتى تثوب إلى العرب عوازب أحلامها، وقال له: لو كنت في جُحر ضبّ لاستخرجوك منها فبايعوك دون أن تعرض نفسك لهم، ولما عزم علىّ على قتال أهل الشام، وعزم على التجهّز، وخرج من المدينة وهو عازم على أن يقاتل بمن أطاعه من عصاه، جاء إليه الحسن بن على وقال: يا أبت دع هذا فإن فيه سفك دماء المسلمين ووقوع الاختلاف بينهم [1]، ولكن عليًا لم يقبل ما أشار به الحسن ولم يكن ليترك الناس في فتنة دون أن يؤدى ما يدين الله به من أمر بمعروف ونهى عن منكر، وردّ الأمر إلى نصابه، والحقّ إلى أصحابه ولكلٍّ وجهة هو موليها [2]، وكان على رضى الله عنه مصيبًا في رأيه.
ْوقد ظهرت المعجزة النبوية، وبلغت ذروتها بتربية الحسن بن على التربية الإسلامية الربانية، من كون هذا الإمام الفذ سيدًا جليلاً، وليست السيادة بالقهر وسفك الدماء، أو إهدار الأموال والحرمات، بل السيادة بصيانتها وإزالة البغضاء والشحناء، فصلحه وحقنه لدماء المسلمين بلغ فيه ذروة السيادة، التى لا يستطيعها من فكر بالقوة وهو يملك طرفًا منها، وقد صالح الحسن معاوية وحوله الألوف فيهم من هو طامع مدسوس ولكن فيهم الكثير الكثير من المخلصين الأوفياء، فما أراد أن تراق بسببه قطرة دم، أو يخدش مسلم في هذا السبيل، وإن الرئاسة للأقوام إن لم تكن لصيانتها، وحياطتها وحفظها، وترقيتها فهى نوع من الطاغوت [1] البداية والنهاية (7/ 229، 230) نقلاً عن المرتضى للندوى، ص (198). [2] المرتضى للندوى، ص (198).
اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 355