اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 232
العبودية، والشكر عمل، والعبد الشكور هو الذي يظهر عليه أثر النعمة، وأبلغ أثر للنعمة ينبغي أن يظهر على العبد هو زيادة الذل والانكسار والتعظيم لولي النعم [1]، يقول تعالى: ((وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ * أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألباب)) (الزمر، آية: 8 ـ 9).
فالآيات الكريمة تتحدث عن صنفين من الناس، أنعم الله عليهما بنعمة .. الأول مرَّ بتجربة شديدة، وكان في ضيق وهم فدع الله بصدق ففرج همه، وكشف كربه، لكنه أعرض عن شكره، وعاد إلى غيِّه، أما الآخر فقد سار في طريق الشكر بطول القنوت بالليل، وـ والتضرع لله ـ عز وجل ويُعَقِّب القرآن على الحالتين بقوله تعالى: ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) (الزمر، آية: 9)، لا يستوي الذين يعلمون حق الشكر النعم والذين لا يعلمون ذلك [2] قال الشاعر:
القانتون المخبتون لربهم
الناطقون بأصدق الأقوال
يحيون ليلهم بطاعة ربهم
بتلاوة وتضرع، وسؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم
مثل انهمال الوابل الهطّال
في الليل رهبان وعند جهادهم
لعدوهم من أشجع الأبطال
بوجهم أثر السجود لربهم
وبها أشعة نوره المتلالي (3)
- وكان الحسن بن علي رضي الله عنه كثير الحج، فقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: ما ندمت على شئ فاتني في شبابي إلا إني لم أحج ماشياً، ولقد حج الحسن بن علي خمساً وعشرية حجة ماشياً، وإن النجائب لتُقاد معه، [1] الإيمان أولاً صـ 174. [2] الإيمان أولاً صـ 175
(3) رهبان الليل (1/ 365).
اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 232