اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 73
ثالثًا: في غزوة بين النضير وبني المصطلق وفي الخندق وبني قريظة:
أ- خرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بني النضير يستعينهم في دية القتيلين الذين قتلهما عمرو بن أمية من بني عامر على وجه الخطأ؛ لأن عمرًا لم يعلم بالعهد الذي بين بني عامر وبين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان بين بني النضير وبني عامر حلف وعهد، فلما آتاهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد، قالوا: فمن يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي، فأتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخبر من السماء مما أراد القوم، فقام وخرج إلى المدينة، فلما استلبث النبي أصحابه قاموا في طلبه، فرأوا رجلاً مقبلاً من المدينة فسألوه عنه فقالوا: رأيته داخلاً المدينة، فأقبل أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى انتهوا إليه، فأخبرهم الخبر بما كانت اليهود أرادت من الغدر به.
فبعث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محمد بن مسلمة يأمرهم بالخروج من جواره وبلده، فبعث إليهم أهل النفاق يحرضونهم على المقام ويعدونهم بالنصر، فقويت نفوسهم، وحمى حيي بن أخطب، وبعثوا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنهم لا يخرجون، ونابذوه ينقض العهد، فعند ذلك أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الناس بالخروج إليهم، فحاصروهم خمس عشرة ليلة فتحصنوا في الحصون، فأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقطع النخيل والتحريق، ثم أجلاهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة، فنزلت سورة الحشر [1].
ب- بنو المصطلق:
أراد بنو المصطلق أن يغزوا المدينة، فخرج لهم رسول الله في أصحابه، فلما انتهى إليهم دفع راية المهاجرين إلى أبي بكر الصديق (ويقال: إلى عمار بن ياسر)، وراية الأنصار إلى سعد ابن عبادة، ثم أمر عمر بن الخطاب فنادى في الناس أن قولوا: لا إله إلا الله تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم، فأبوا، فتراموا بالنبل، ثم أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسلمين فحملوا حملة رجل واحد، فما أفلت منهم رجل واحد، وقتل منهم عشرة وأسر سائرهم، ولم [1] البخاري، كتاب المغازي، باب حديث بني النضير: 5/ 217، مغازي الواقدي: 1/ 363، البداية والنهاية: 4/ 86.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 73