responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 72
حيث فاتني ما فاتني، وكان بيني وبين المشركين رجل لا أعرفه، وأنا أقرب إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منه، وهو يختطف المشي خطفًا لا أخطفه فإذا هو أبو عبيدة، فانتهينا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد كسرت رباعيته وشج وجهه، وقد دخل في وجنتيه حلقتان من حلق المغفر، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عليكما صاحبكما -يريد طلحة- فقد نزف»، فلم نلتفت إلى قوله، قال: ذهبت لأنزع من وجهه، فقال أبو عبيدة: أقسم عليك بحقي لما تركتني، فتركته فكره تناولها فيؤذي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأرزم عليه بفيه فاستخرج إحدى الحلقتين ووقعت ثنيته الأخرى مع الحلقة، فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتمًا. فأصلحنا من شأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم أتينا طلحة في بعض تلك الحفار، فإذا به بضع وسبعون من بين طعنة ورمية وضربة، وإذا قد قطعت إصبعه فأصلحنا من شأنه [1].
وتتضح منزلة الصديق في هذه الغزوة من موقف أبي سفيان عندما سأل وقال: أفي القوم محمد؟ ثلاث مرات، فنهاهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاث مرات، فنهاهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب؟ ثلاث مرات، ثم رجع إلى أصحابه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا [2]. فهذا يدل على ظن
أبي سفيان زعيم المشركين حينئذ بأن أعمدة الإسلام وأساسه؛ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وأبو بكر وعمر [3].
وعندما حاول المشركون أن يقبضوا على المسلمين ويستأصلوا شأفتهم، كان التخطيط النبوي الكريم قد سبقهم وأبطل كيدهم، وأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسلمين مع ما بهم من جراحات وقرح شديد للخروج من إثر المشركين، فاستجابوا لله ولرسوله مع ما بهم من البلاء وانطلقوا، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت لعروة بن الزبير في قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172]، يا ابن أختي كان أبوك منهم: الزبير وأبو بكر لما أصاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا قال: «من يذهب في إثرهم؟» فانتدب منهم سبعين رجلا: كان فيهم أبو بكر والزبير [4].

[1] منحة المعبود: 2/ 19، نقلا عن تاريخ الدعوة الإسلامية: ص 130.
[2] الفتح: 2/ 188، الفتح: 7/ 405.
[3] مواقف الصديق مع النبي في المدينة، د. عاطف لماضة: ص 28.
[4] مسلم، رقم: 2418.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست