اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 335
والخنازير. [1] فجزع أهل فارس من هذا الكتاب ولاموا ملكهم على كتابه، واستهجنوا رأيه. وسار المثنى من الحيرة إلى بابل ولما التقى المثنى وجيشهم بمكان عند عدوة الصَّراة الأولى [2] اقتتلوا قتالاً شديدًا جدًا، وأرسل الفرس فيلا بين صفوف الخيل ليفرق خيول المسلمين، فحمل عليه أمير المسلمين المثنى بن حارثة فقتله، وأمر المسلمين فحملوا، فلم تكن إلا هزيمة الفرس فقتلوهم قتلاً ذريعًا، وغنموا منهم مالاً عظيمًا، وفرت الفرس حتى انتهوا إلى المدائن في شر حالة ووجدوا الملك قد مات. (3)
وعاد الاضطراب إلى بلاد فارس، وطارد المثنى أعداء الله حتى بلغ أبواب المدائن، ثم كتب إلى أبي بكر بانتصاره على الفرس، واستأذنه في الاستعانة بمن تابوا من أهل الردة لكن انتظاره طال وأبطأ عليه أبو بكر في الرد لتشاغله بأهل الشام وما فيه من حروب، فسار المثنى بنفسه إلى الصديق واستناب على العراق بشير بن الخصاصية وعلى المسالح سعيد بن مرة العجلي [4]، فلما وصل المدينة وجدوا أبا بكر - رضي الله عنه - على فراش المرض وقد شارف على الموت، واستقبله أبو بكر واستمع إليه واقتنع برأيه، ثم طلب عمر بن الخطاب فجاءه، فقال له: اسمع يا عمر ما أقول لك ثم اعمل به، إني لأرجو أن أموت من يومي هذا، فإن أنا مت فلا تمسين حتى تندب الناس مع المثنى، ولا تشغلنكم مصيبة وإن عظمت عن أمر دينكم ووصية ربكم، وقد رأيتني متوفَّى رسول الله وما صنعت ولم يصب الخلق بمثله، وإن فتح الله على أمراء الشام فاردد أصحاب خالد إلى العراق، فإنهم أهله وولاة أمره وحده، وهم أهل الضراوة بهم والجراءة عليهم [5].
* * * [1] الكامل لابن الأثير: 2/ 73. [2] الصراة: بالفتح، وهو نهر يستمد من الفرات.
(3) البداية والنهاية: 7/ 18. [4] البداية والنهاية: 7/ 18. [5] الكامل لابن الأثير: 2/ 74.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 335