اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 259
موضعه الأول وذلك كله في يوم، ولم يترك من العدو مخبرًا، وساق الذراري والأنعام والأموال، ولم يفقد المسلمون في البحر شيئًا إلا عليقة فرس لرجل من المسلمين، ومع هذا رجع العلاء بها ثم قسم غنائم المسلمين فيهم فأصاب الفارس ستة آلاف والراجل ألفين مع كثرة الجيشين، وكتب إلى الصديق فأعلمه بذلك، فبعث الصديق يشكره على ما صنع، وقد قال رجل من المسلمين في مرورهم في البحر وهو عفيف بن المنذر:
ألم تر أن الله ذلل بحره ... وأنزل بالكفار إحدى الجلائل (1)
دعونا إلى شق البحار فجاءنا ... بأعجب من فلق البحار الأوائل (2)
وكان مع المسلمين في هذه المواقف والمشاهد التي رأوها من أمر العلاء وما أجرى الله على يديه من الكرامات، رجل من أهل هجر راهب فأسلم حينئذ، فقيل له: ما دعاك إلى الإسلام؟ فقال: خشيت إن لم أفعل أن يمسخني الله لما شاهدت من الآيات، قال: وقد سمعت في الهواء وقت السحر دعاء. قالوا: وما هو؟ قال: اللهم أنت الرحمن الرحيم، لا إله غيرك، والبديع ليس قبلك شيء، والدائم غير الغافل، والذي لا يموت، وخالق ما يرى وما لا يرى، وكل يوم أنت في شأن، وعلمت اللهم كل شيء علمًا. قال: فعلمت أن القوم لم يعانوا بالملائكة إلا وهم على أمر الله، فحسن إسلامه وكان الصحابة يسمعون منه [3].
وبعد هزيمة المرتدين رجع العلاء بن الحضرمي إلى البحرين وضرب الإسلام بجرانه، وعز الإسلام وأهله وذل الشرك وأهله [4]، ولولا تدخل بعض العناصر الأجنبية لصالح المرتدين ما تجرأ المرتدون على الموقف في وجه المسلمين مدة طويلة؛ إذ أن الفرس قد أمدوا المرتدين بتسعة آلاف من المقاتلين، وكان عدد المرتدين من العرب ثلاثة آلاف وعدد المسلمين أربعة آلاف [5] وكان للمثنى بن حارثة دور كبير في إخماد فتنة البحرين والوقوف بقواته بجانب العلاء بن الحضرمي، وقد سار بجنوده من البحرين شمالاً ووضع يده على القطيف وهجر حتى بلغ مصب دجلة، وقضى في سيره هذا على قوات الفرس
(1) الجلائل: العظائم.
(2) البداية والنهاية: 6/ 334. [3] البداية والنهاية: 6/ 334. [4] التاريخ الإسلامي: 9/ 105. [5] فتوح ابن أعثم: ص 47.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 259