responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 244
بالذين حرقوا ومثلوا وعدوا على أهل الإسلام في حال ردتهم،، فأتوه بهم ... فمثل خالد ابن الوليد بالذين عدوا على الإسلام فأحرقهم بالنيران، ورضخهم بالحجارة ورمى بهم في الجبال ونكسهم في الآبار، وخرقهم بالنبال، وبعث بقرة بن هيبرة والأسارى، وكتب إلى أبي بكر: إن بني عامرة أقبلت بعد إعراض ودخلت في الإسلام بعد تربص، وإني لم أقبل من أحد قاتلني أو سالمني شيئًا حتى يجيئوني بمن عدا على المسلمين فقتلتهم كل قتلة وبعثت إليك بقرة وأصحابه. (1)
وكان عيينة بن حصن من بين الأسرى فأمر خالد بشد وثاقه تنكيلا به، وبعثه إلى المدينة ويداه إلى عنقه إزراء عليه وإرهابًا لسواه، فلما دخل المدينة على هيئته تلقاه صبيان المدينة مستهزئين، وأخذوا يلكزونه بأيديهم الصغيرة قائلين: «أي عدو الله، ارتددت عن الإسلام!!» فيقول: والله ما كنت آمنت قط. وجيء به إلى خليفة رسول الله ولقي من الخليفة سماحة لم يصدقها، وأمر بفك يديه ثم استتابه، فأعلن عيينة توبة نصوحًا واعتذر عما كان منه وأسلم وحسن إسلامه [2].
ومضى طليحة حتى نزل كلب [3] على النقع فأسلم، ولم يزل مقيمًا في كلب حتى مات أبو بكر. وكان إسلامه هنالك حين بلغه أن أسدًا وغطفان وعامرًا قد أسلموا، ثم خرج نحو مكة معتمرا في إمارة أبي بكر ومر بجنبات المدينة فقيل لأبي بكر: هذا طليحة، فقال: ما أصنع به، خلوا عنه فقد هداه الله للإسلام. [4] وقد جاء عند ابن كثير: وأما طليحة فإنه راجع الإسلام بعد ذلك أيضًا وذهب إلى مكة معتمرًا أيام الصديق، واستحيا أن يواجهه مدة حياته، وقد منع الصديق المرتدين من المشاركة في فتوحاته بالعراق والشام، ويحتمل أن يكون ذلك من باب الاحتياط لأمر الأمة؛ لأن من كان له سوابق في الضلال والكيد للمسلمين لا يؤمن أن يكون رجوعه من باب الاستسلام لقوة المسلمين، فأبو بكر - رضي الله عنه - من الأئمة الذين يرسمون للناس خط سيرهم، ويتأسى بهم الناس بأقوالهم وأفعالهم، فهو لذلك يأخذ بمبدأ الاحتياط لما فيه صالح الأمة وإن كان في ذلك وضع من شأن بعض الأفراد. [5] وهذا درس عظيم تتعلمه الأمة في عدم وضع

(1) تاريخ الطبري: 4/ 82.
[2] الصديق أول الخلفاء: ص 87.
[3] أي: نزل في قبيلة كلب.
[4] التاريخ الإسلامي: 9/ 95.
[5] التاريخ الإسلامي: 9/ 76.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست