responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 187
وقالوا للصديق: إن العرب قد انتقضت عليك وإنك لا تصنع بتفريق الناس شيئًا [1]، فأولئك الناس لم يكونوا كعامة الناس بل كانوا من الصحابة الذين هم خير البشر وجدوا على الأرض بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام، لكن
الصديق - رضي الله عنه - لم يستجب لهم مبينًا أن أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجل وأكرم وأوجب وألزم من رأيهم كلهم. [2] وقد تجلت هذه الحقيقة في حادثة وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ حيث رأى عامة الصحابة -رضي الله عنهم- وفيهم عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يمت، ورأى عدد قليل من الصحابة -رضي الله عنهم- أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد مات؛ منهم أبو بكر - رضي الله عنه -، وقد رأينا أن أبا بكر تمسك بالنص وبيَّن خطأ من قال: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يمت [3].
قال الحافظ ابن حجر تعليقًا على رأي الأكثرين حول وفاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فيؤخذ منه على أن الأقل عددا في الاجتهاد قد يصيب ويخطئ الأكثرية، فلا يتعين الترجيح بالأكثر [4].
فخلاصة الكلام أن مما نستفيده من قصة تنفيذ الصديق جيش أسامة -رضي الله عنهما- أن تأييد الكثرة لرأي ليس دليلاً على إصابته [5]، ومما يستفاد من هذه القصة انقياد المؤمنين وخضوعهم للحق إذا اتضح لهم، فعندما ذكرهم الصديق أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أمر بتنفيذ جيش أسامة وهو الذي عين أسامة أميرًا على الجيش، انقاد أولئك الأبرار للأمر
النبوي الكريم [6].

4 - جعل الدعوة مقرونة بالعمل، ومكانة الشباب في خدمة الإسلام:
لما أصر أبو بكر - رضي الله عنه - على إبقاء أسامة بن زيد - رضي الله عنه - أميرا للجيش حرصًا على التمسك بما قرره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لم يقتصر على الإصرار على إمارته فحسب، بل قدم اعترافًا عمليًا بإمارته وقد تجلى ذلك في أمرين:
أمشى أبو بكر - رضي الله عنه - مع أسامة - رضي الله عنه - وهو راكب، وقد كان ابن عشرين سنة أو ثماني عشرة سنة، وكان الصديق - رضي الله عنه - قد تجاوز ستين سنة من

[1] تاريخ خليفة بن خياط: ص 100.
[2] قصة بعث أبي بكر جيش أسامة: ص 44، 45.
[3] قصة بعث أبي بكر جيش أسامة: ص 44، 45.
[4] فتح الباري: 8/ 146.
[5] قصة بعث أبي بكر جيش أسامة: ص 46.
[6] قصة بعث أبي بكر جيش أسامة: ص 52.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست