اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 98
استطاع ابن السنوسي أن يربط بين جميع زوايا الحركة برباط متين من المخابرات والمخاطبات ولجان التفتيش، وفق نظام دقيق تلتقى أسبابه عند الزاوية الكبرى المركزية، وكانت تلك الزوايا قد انتشرت في تونس والجزائر وبرقة ومصر والحجاز واليمن، والسودان الغربي (تشاد)، وكانت تقارير هذه البلاد ترد أولاً الى بنغازي ثم ترسل الى الجغبوب بواسطة الهجن وبسرعة عظيمة [1].
وكانت العقلية التنظيمية عند ابن السنوسي تهتم بالتخطيط السليم، والادارة الناجحة، وكان تخطيطه يعتمد على تحفيزه لاتباعه والاستعداد لما سيواجههم في المستقبل وكان فهمه لقوله تعالى {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا} (سورة القصص، آية 77). وقوله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ... ) (سورة الانفال، آية 60). جعلت من الزوايا خلايا حية تمتد منها الحياة الصالحة الى سائر جسم الأمة الاسلامية، فأصبحت مراكز تربية وتهذيب وتعليم، وإيقاظ للعاطفة الدينية السليمة، وتوجيه الحياة العاملة توجيهاً سديداً؛ فأصبحت مراكز إصلاح إنساني متكامل، من الناحية الدينية والعقلية والاجتماعية والاقتصادية [2].
إن البناء التنظيمي للزوايا في الحركة السنوسية يدلنا على أن ابن السنوسي استفاد من سنة الأخذ بالاسباب استفادة كبيرة، وكان مقتنعاً بأن نهوض الأمة يستلزم من العاملين من اجل هذا الهدف أن يستوعبوا سنة الأسباب، وأن يحسنوا التعامل معها، بحيث يستطيعوا أن ينزلوها على أرض الواقع.
إن مفهوم التوكل عند ابن السنوسي، يعني الأخذ بالأسباب المادية المتاحة مع الاعتماد على الله سبحانه وتعالى، ولذلك استطاع أن يبني البناء التنظيمي البديع المتين، وفق أسس ونظم رائعة وإليك تفصيلها: [1] انظر: السنوسية دين ودولة، ص50. [2] انظر: دراسات وصور، ص286.
اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 98