اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 54
وقال الكرماني (من غض بصره عن المحارم، وأمسك نفسه عن الشبهات، وعمّر باطنه بدوام المراقبة، وظاهره باتباع السنة، وعود نفسه أكل الحلال لم تخطي له فراسة) [1].
بعد شهر من بقائه في نجع العواقير واصل سيره متوغلاً في برقة الحمراء ومنها الجبل الاخضر وبصحبته جمع غفير من الاخوان ومشايخ مختلف القبائل من الحاربي والعواقير حتى وصل الى مكان يسمى ماسة وتقدم من ماسة الى محل يسمى دنقلة حيث مكان الزاوية البيضاء بالقرب من ضريح الصحابي الجليل رويفع بن ثابت الانصاري - رضي الله عنه - [2] وقد شرع الاخوان السنوسيون في تأسيسها قبل مجيء ابن السنوسي وذلك بتوجيه منه، وهي أول زاوية يؤسسها ابن السنوسي خارج الحجاز ولها مقام كبير عند السنوسية ويطلق عليها أم الزوايا، وقد بنيت زاوية البيضاء خارج البلدة وعلى بعد حوالي ثلاثة كيلومترات منها ويلاحظ الباحث أن ابن السنوسي اختار لها موقعاً استراتيجياً جيداً يتميز بسهولة الدفاع عنه وصعوبة الوصول إليه. كما يلاحظ أيضاً أنه أحسن بناءها. ولقد تميزت كل الزوايا التي أنشئت ببرقة بالموقع الاستراتيجي، كما أنها تتتابع بانتظام مما يدل على أن ابن السنوسي كان يرمي الى جعلها كالقلاع لتقوم بصد المعتدين في الحروب لانه كان يتوقع هجوم الأعداء عليها [3] ولا ننسى زعيم البراعصة الشيخ ابوبكر بوحدوث الذي وقف بجاهه وماله ونفسه مع الحركة السنوسية، وكان من تواضعه يشارك العمال في كافة أعمالهم بنفسه فضلاً عن اتباعه وكان بجلالة قدره ممن يخلط الطين للبنائين الذين يبنون المسجد والزاوية البيضاء رغبة في الثواب [4].
وشرع ابن السنوسي من الزاوية البيضاء يعلم الناس ويذكرهم بالله ويرشدهم الى طريق النجاة في الدنيا والآخرة، وبدأت القبائل تتوافد إليه وتطلب زيارته لها [1] انظر: قواعد التحديث للقاسمي، ص149. [2] انظر: الفوائد الجليلة (1/ 54). [3] انظر: الحركة السنوسية، ص83. [4] انظر: الفوائد الجليلة (1/ 56).
اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 54