اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 151
إن القصة تعتبر من أنجح الأساليب للتقويم والنصح والإرشاد، فأسلوبها له تأثيراته النفسية، وانطباعاته الذهنية، وحججه المنطقية والعقلية في نفوس المدعوين، فهي تستولي على قلوبهم استيلاءً أشبه بالقهر وماهو بالقهر، وأفعل من السحر وماهو بالسحر لمالها من سرعة نفاذ، وقوة تاثير، واستمرار أثر [1].
إن الغرض الأكبر من الأسلوب القصصي للدعاة، أخذ العبرة والعظة، قال تعالى: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ماكان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} (يوسف، آية: 11).
ولذلك كان ابن السنوسي يكثر من استخدام القصة لتفهيم اخوانه واتباعه، باعتبارها أسلوباً مهماً، ووسيلة تعليمية ناجحة، ومن ذلك قصة حكاها لابنه وإخوانه يبين لهم فيها أهمية القيادة في الجماعة، وضرورة المحافظة على القائدالذي هو بمثابة الرأس من الجسم والقصة كما قالها محمد المهدي السنوسي: " كنت جالساً مع سيدي - رضي الله عنه - وتكلم معي طويلاً في الرحلة مقبلاً لجهة الجنوب ثم حكى لي حكاية بأنه كان كبير قوم ارتحل هو وقومه من مكان إلى مكان، فبينما هم في أثناء الطريق وإذا بالعدو قد ظهر عليهم فالتفتوا إلى جميع الجهات ينظرون ملجأ يأوون إليه، فلما لم يروا شيئاً قالوا لم يبق إلا القتال، وكبير القوم معه ولد، فصار الولد كلما رأى العدو آت من جهة حوّل أباه إلى جهة أخرى، فقال له بعض القوم: أنت ماشغلك إلا أبوك. قال لهم: نعم رجل كألف وألف خفاف كاف. فقال - رضي الله عنه - صدق الولد، متى كان الرأس موجوداً، فالذي يذهب يأت الله بمن يكون مثله أو فوقه أو دونه " [2].
سادساً: استعماله للشدة في موقف الشدة:
كان الأصل في أسلوب ابن السنوسي استعماله اللين والرفق، ومعاملة الناس بالحسنى والتودد إليهم وكسب قلوبهم، ولكن في بعض الأحوال والظروف كان [1] انظر: الحكمة والموعظة الحسنة، ص288. [2] انظر: الحركة السنوسية، ص154.
اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 151