responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 85
بشرٍّ، فقال: والله أن رحى الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات، ولم يحرّكها [1]، على أن المكان الذي رتع فيه أبن سبأ هو مصر، وهناك أخذ ينظّم حملته ضدّ عثمان رضي الله عنه، ويحثُّ على التوجّه إلى المدينة لإثارة الفتنة بدعوى: أنّ عثمان أخذ الخلافة بغير حقٍّ، ووثب على وصيِّ رسول الله، يقصد عليَّا ([2]
وقد غشهم بكتب أدعّى أنها وردت من كبار الصحابة حتى إذا أتى هؤلاء الأعراب المدينة المنَّورة واجتمعوا بالصحابة لم يجدوا منهم تشجيعاً، تبرّؤوا ممّا نسب إليهم من رسائل تؤلّب النَّاس على عثمان [3]، ووجدوا عثمان مقدّراً للحقوق، بل وناطرهم فيما نسبوا إليه، وردّ عليهم افتراءهم وفسر لهم صدق أعماله حتى قال أحد هؤلاء الأعراب وهو مالك بن الأشتر النّخعي: لعله مُكر به وبكم [4]، ويعتبر الذهبي: أنّ عبد الله بن سبأ المهيِّيج للفتنة بمصر، وباذر بذور الشِّقاق والنَّقمة على الولاية ثمَّ الإمام ـ عثمان ـ فيها [5]، ولم يكن ابن سبأ وحده وإنَّما كان عمله ضمن شبكة من المتآمرين، وأخطبوطاً من أساليب الخداع، والاحتيال، والمكر، وتجنيد الأعراب، والقرّاء وغيرهم، ويروي ابن كثير: أنَّ من أسباب تألُّب الأحزاب على عثمان ظهور ابن سبأ، وذهابه إلى مصر، وإذاعته بين النَّاس كلاماً اخترعه من عند نفسه، فافتتن به بشر كثير من أهل مصر [6].
إنَّ المشاهير من المؤرِّخين والعلماء من سلف الأمَّة وخلفها يتَّفقون على أنَّ ابن سبأ ظهر بين المسلمين بعقائد، وأفكار، وخطط سبئيَّة، ليلفت المسلمين عن دينهم، وطاعة إمامهم، ويوقع بينهم الفرقة، والخلاف، فاجتمع إليه من غوغاء الناس ما تكوَّنت به الطائفة السَّبيئيَّة المعروفة التي كانت عاملاً من عوامل الفتنة المنتهية بمقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه والذي يظهر من خطط السَّبئيَّة أنّها كانت أكثر تنظيماً، إذ كانت بارعة في توجيه دعايتها، ونشر أفكارها، لامتّلاكها ناصية الدِّعاية، والتَّأثير بين الغوغاء والرُّعاع من النَّاس، كما كانت نشيطة في تكوين فروع لها سواء في البصرة، أم الكوفة، أم مصر، مستغلة العصبية القبليَّة ومتمكَّنة من إثارة مكامن التَّذمُر عند الأعراب، والعبيد، والموالي، عارفة بالمواضع الحسَّاسة في حياتهم، وبما يريدون [7].

[1] تاريخ الطبري (5/ 350).
[2] تحقيق مواقف الصحابة (1/ 330) تاريخ الطبري (5/ 348) ..
[3] تحقيق مواقف الصحابة (1/ 330) تاريخ الطبري (5/ 365).
[4] المصدر نفسه (1/ 331).
[5] تحقيق مواقف الصحابة (1/ 338).
[6] البداية والنهاية (7/ 167، 168).
[7] تحقيق مواقف الصحابة (1/ 339).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست