responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 84
قال: محمد خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء، وحينما استقر الأمر في نفوس أتباعه انتقل إلى هدفه المرسوم، وهو خروج النَّاس على الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه فصادف ذلك هوىً في نفوس بعض القوم، حيث قال لهم: من أظلم ممَّن لم يُجِزْ وصيّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووثب على وصيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناول أمر الأمّة، ثمَّ قال لهم بعد ذلك: إن عثمان أخذها بغير حقٍّ، وهذا وصيُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فانهضوا في هذا الأمر، فحرَّكوه، وابدؤوا بالطَّعن على أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، تستميلوا النَّاس، وادعوهم إلى هذا الأمر ([1]
وبثِّ دعاته، وكاتب من كان استفسد في الأمصار وكاتبوه، ودعوا في السِّر إلى ما عليه رأيهم، وأظهروا الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، وجعلوا يكتبون إلى الأمصار بكتب يضعونها في عيوب ولاتهم، ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذلك، ويكتب أهل كلِّ مصر منهم إلى مصر آخر بما يضعون، فيقرأه أولئك في أمصارهم، وهؤلاء في أمصارهم حتَّى تناولوا بذلك المدينة، وأوسعوا الأرض إذاعة، وهم يريدون غير ما يظهرون ويسُّرون غير ما يبدون، فيقول أهل كل مصر: إنّا لفي عافية ممَّا ابتلي به هؤلاء، إلا أهل المدينة فإنَّهم جاءهم ذلك عن جميع الأمصار، فقالوا: إنَّا لفي عافية ممّا فيه النَّاس ([2]
ويظهر من هذا النَّصِّ الأسلوب الذي تبعه ابن سبأ، فهو أراد أن يوقع في أعين الناس بين اثنين من الصَّحابة حيث جعل أحدهما مهضوم الحقِّ وهو عليُّ، وجعل الثاني مغتصباً وهو عثمان، ثمّ حاول بعد ذلك أن يحرِّك النَّاس ـ خاصَّة في الكوفة ـ على أمرائهم باسم الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر فجعل هؤلاء يثورون لأصغر الحوادث على ولاتهم، علماً بأنَّه ركَّز في جملته هذه على الأعراب الذين وجد فيهم مادّة ملائمة لتنفيذ خطّته، فالقرَّاء منهم استهواهم عن طريق الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وأصحاب المطامع منهم هيّج أنفسهم، بالإشاعات المغرضة المفتراة على عثمان، مثل تحيزه لأقاربه، وإغداق الأموال من بيت مال المسلمين عليهم، وأنّه حمى الحمى لنفسه، إلى غير ذلك من التُّهم، والمطاعن التي حرك بها نفوس الغوغاء ضدّ عثمان رضي الله عنه، ثمّ إنه أخذ يحض اتباعه على إرسال الكتب بأخبار سيئة مضعمة عن مصرهم إلى بقية الأمصار، وهكذا يتخيل النّاس في جميع الأمصار: أنّ الحال بلغ من السوء ما لا مزيد عليه، والمستفيد من هذه الحال هم السبئية، لأن تصديق ذلك من الناس يفيدهم في إشعال شرارة الفتنة داخل المجتمع الإسلامي [3]، هذا وقد شعر عثمان رضي الله عنه بأن شيئاً ما يحاك في الأمصار، وأنّ الأمّة تمخض

[1] المصدر نفسه (5/ 348) ..
[2] المصدر السَّابق نفسه (5/ 348) ..
[3] الدولة الأموية يوسف العش صـ 68، تحقيق مواقف الصحابة (1/ 330).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست