responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 676
بادره عبد الملك قائلاً: أحذر في كلامك ثلاثاً، إياك أن تخدعني، فأنا أعلم بنفسي منك، أو تكذبني فإنه لا رأى لكذوب أو تسعى إليّ بأحد من الرعية، فإنهم إلى عدلي وعفوي أقرب منهم إلى جوري وظلمي [1].

12 ـ مفهوم السياسة عند عبد الملك: أدرك الخليفة عبد الملك معنى السياسة بشكل دقيق واستوعب دروسها، كما أدرك السبل العملية لسياسة الناس ومن مختلف منازلهم فحين سأله الوليد وقال يا ابت ما السياسة قال: هيبة الخاصة مع صدق مودتها واقتياد قلوب العامة بالإنصاف واحتمال هفوات الصنائع [2].
13 ـ سيرة أبي بكر وعمر ورعيتهما: قال عبد الملك: انصفونا يا معشر الرعية تريدون منا سيرة أبي بكر وعمر ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم بسيرة رعية أبي بكر وعمر نسأل الله أن يعين كلاً على كل، إني رأيت سيرة السلطان تدور مع الناس، فلا بد للوالي أن يسير في كل زمان بما يصلحه وهذا الكلام لا يسلم له به على إطلاقه، لأن السلطان المطلوب منه أن يسير مع القرآن الكريم وهدي النبي صلى اله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين ويعمل على نشر سير الصالحين ويقتدي بهم لا أن ينهي عن ذكر عمر ويقول، .. فإنه مرارة للأمراء، مفسدة للرعية [3]. والحقيقة تقول أن الأمراء في العهد الأموي الكثير منهم لا يستطيع أن يقتفي أثر عمر ولا أن يسير بسيرته، فيحز ذلك في نفوسهم، ويترك الحسرة والمرارة في قلوبهم، وأما الرعية فإنهم يسرعون إلى المقارنة بين ما هم فيه، وبين ما كان عليه الناس في عهد عمر، وما كانوا يتمتعون به من العدل والمساواة، والحرية والتمتع بكل حقوق الإنسان فيدفعهم ذلك إلى التمرد على أمرائهم، والسخط على أوضاعهم، وعدم الرضا بما هم فيه [4]، وأمثال عبد الملك يريد الأمور أن تستقر على منهاج الملك العضوض، وأما منهاج الخلافة الراشدة فيضيق عليه الخناق، وفي الحقيقة، إن سوء حال الحكم في مجتمع ما كان ذلك لنقص في الراعي والرعية معاً [5]، كما أن العودة إلى صفاء الحياة في عصر الخلفاء الراشدين ليس أمر مستحيلاً، ولكن لا يأتي به الحاكم وحده وإن صلحت نيته، وعظمت عزيمته، بل لا بد من تحقيق ذلك القدر من التوافق بين الراعي والرعية، حيث يتعاون الجميع على تحقيق ذلك المجتمع الطيب وطريق ذلك طويل وشاق، ويحتاج ربما إلى أجيال من الدعاة والحكام الذين يبذلون جهدهم لتربية الرعية على معاني الإيمان ويعطون في ذلك القدوة والمثل، ويستفرغون في ذلك وذاك وقتهم وجهدهم [6].

[1] البداية والنهاية (12/ 387).
[2] عيون الأخبار (1/ 9) الإصلاحات المالية صـ196.
[3] الطبقات الكبرى (5/ 233).
[4] الأمويون بين الشرق والغرب (1/ 329).
[5] مجموع الفتاوى (35/ 20).
[6] الدولة الأموية المفترى عليها صـ277.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 676
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست