responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 675
دونّك كتابيَّ هذين فخذهما، وأركب البريد إلى العراق وأبدأ بأنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فادفع كتابي إليه وأبْلغه مني السلام، وقال له: يا أبا حمزة قد كتبت إلى الحجّاج الملعون كتاباً، إذا قرأه كان أطوع لك من أمتك وكان كتاب عبد الملك إلى أنس بن مالك: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الملك بن مروان إلى أنس بن مالك: خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد فقد قرأت كتابَك وفهمت ما ذكرت من شكايتك الحجاج، وما سلطته عليك ولا أمرته بالإساءة إليك، فإن عاد لمثلها واكتب إليَّ بذلك أُنزل به عقوبتي، وتَحْسُن لك معونتي والسلام. فلما قرأ أنس كتابه وأُخبر برسالته قال: جزي الله أمير المؤمنين عنِّي خيراً، وعافاه وكفاه وكفأه بالجنة، فهذا كان ظني به والرجاء منه [1]، كتاب عبد الملك إلى الحجّاج وكان فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجّاج بن يوسف، أما بعد: فإنَّك عبد طمَتْ [2]، بك الأمور فسموت فيها، وعدوت طوَرك، وجاوزت قدرَك، وركبت داهية إدَّاً وأردت أن تَبُورني [3]، فإن سوَّغتكها مضيت قُدماً، وإن لم أُسوغها رجعت القهقري، فلعنك الله عبداً أخفش العينين، منقصوص الجاعرتين [4]، أنسيت مكاسب آبائك بالطائف، وحفرهم الآبار ونقلهم الصخور، على ظهورهم في المناهل؟ يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب والله لأغمزنك غمز الليث الثعلب، والصقر الأرنب وثبت على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، فلم تقبل له إحسانه، ولم تجاوز له إساءته جُرأة منك على الربِّ عز وجل واستخفافاً منك بالعهد والله لو أنَّ اليهود والنصارى رأت رجلاً خدم عُزير بن عزرَا، وعيسى بن مريم لعظمته وشرَّفته وأكرمته، فكيف وهذا أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين، يطلعه على سرِّه ويشاوره في أمره، ثم هو مع هذا بقية بقايا أصحابه، فإذا قرأت كتابي هذا فكن أطوع له من خُفِة ونعله وإلا أتاك مني سهم مثِكلٌ [5]، بحتف قاضٍ، ولكل نبأٍ مستقر وسوف تعلمون [6]، ولما علم الحجّاج بأن عبد الملك غاضباً عليه استوى جالساً مرعوباً، ولما قرأ الكتاب اعتذر لأنس ولم يزل مكرماً له حتى مات [7]، وكتب الحجّاج خطاباً يعتذر فيه عما حدث منه في حق أنس [8].

11 ـ محاربته للمداهنة والنفاق بين الناس: لم يكن عبد الملك يسمح لأحد أن يداهنه، أو ينافقه، أو يضيع وقته فيما لا يفيد، فقد طلب رجلاً من عبد الملك أن يخلو به فأمر من عنده بالإنصراف فلما أراد الرجل أن يتكلم

[1] البداية والنهاية (12/ 540).
[2] طمَت: ارتفعت وسمت.
[3] تبورني: تختبرني.
[4] الجاعرتين: حرفا الوركين المشرفين على الفخذين.
[5] البداية والنهاية (11/ 542).
[6] المصدر نفسه (12/ 542).
[7] العقد الفريد (3/ 13) الحجاج المفترى عليه صـ168.
[8] العقد افريد (3/ 13/14).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 675
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست