responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 651
فلم يخرج مع من خرج بل كان يكره ذلك وينهي الناس عنه وكان أخوه سعيد ممن يرى الخروج على الحجّاج ويدعو له، فعن حماد بن زيد بن أبي التياح قال: شهدت الحسن وسعيد بن أبي الحسن [1] حين أقبل ابن الأشعث، فكان الحسن ينهي عن الخروج على الحجّاج ويأمر بالكف وكان سعيد بن أبي الحسن يحضض، فقال سعيد فيما يقول: ما ظنك بأهل الشام إذا لقيناهم غداً؟ فقلنا: والله ما خلعنا أمير المؤمنين ولا نريد خلعه ولكنا نقمنا عليه استعمال الحجّاج فاعزله عنا، فلما فرغ سعيد من كلامه تكلم الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إنه والله ما سلط الله عليكم الحجّاج إلا عقوبة فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف ولكن عليكم السكينة والتضرع، وأما ما ذكرت من ظني بأهل الشام فإن ظني بهم أن لو جاؤوا فألقمهم الحجّاج دنياه لم يحملهم على أمر إلا ركبوه، هذا ظني بهم [2]، وقدم عليه جماعة من العلماء يناقشونه في الخروج مع ابن الأشعث على الحجّاج، ويحاولون إقناعه بالخروج مع ابن الأشعث على الحجّاج، ويحاولون إقناعه بالخروج، ولكنه رفض الخروج وقال: أرى أن لا تقاتلوه فإنها أن تكن عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم ولكنهم لم يسمعوا كلامه ولم يأخذوا برأيه فخرجوا مع ابن الأشعث فقتلوا جميعاً [3]، وعندما أفتى رجلاً بعدم جواز الخروج على الحجّاج قال له الرجل: لقد كنت أعرفك سيء القول في الحجّاج غير راضٍ عن سيرته، فقال الحسن: وأيم الله إني اليوم لأسوأ فيه رأياً، وأكثر عتباً، وأشد ذماً ولكن لتعلم عفاك الله أن جور الملوك نقمة من نقم الله تعالى، ونقم الله لا تلاقي بالسيوف، وإنما تتقي، وتستدفع بالدعاء والتوبة والإنابة والإقلاع عن الذنوب [4]، ولما توفي الحجّاج وجاء خبر وفاته الحسن سجد وقال: اللهم عقيرك وأنت قتلته فاقطع عنا سنته وأرحنا من سنته وأعماله الخبيثة [5]، وكان يوضح للناس حقيقة ما يعيشه بعض الولاة من تقلبه في عيش الفتنة بزخرف الحياة الفانية حتى لا يغتر بهم الناس فكان يقول: هؤلاء ـ يعني الملوك ـ وإن رقصت بهم الهماليج [6]، ووطيء الناس أعقابهم فإن ذل المعصية في قلوبهم، إلا أن الحق ألزمنا طاعتهم، ومنعنا الخروج عليهم، وأمرنا أن نستدفع بالتوبة والدعاء مضرتهم، فمن أراد به خيراً لزم ذلك وعمل به، ولم يخالفه ([7]
وكان ينهي العامة عن القتال وحمل السلاح حين تقبل الفتن، فعن سلم بن أبي الذيال قال: سأل رجل الحسن وهو يسمع وأناس من أهل الشام فقال: يا أبا سعيد ما تقول في الفتن مثل يزيد بن المهلب وابن الأشعث؟ فقال: لا تكن مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فقال رجل من أهل الشام: ولا مع أمير المؤمنين يا أبا سعيد؟ فغضب ثم قال بيده فخطر بها، ثم قال: ولا مع أمير المؤمنين يا أبا

[1] هو أخو الحسن البصري.
[2] الطبقات الكبرى (7/ 164).
[3] المصدر نفسه (7/ 164).
[4] آداب الحسن البصري لابن الحوزي صـ118.
[5] حلية الأولياء (2/ 159).
[6] الهماليبح: من البراذين. الكلمة فارسية معربة.
[7] آداب الحسن البصري صـ121 ..
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 651
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست