responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 616
ج- استجابته لكل من دعاه إلى خير وتعاونه مع أطراف الخلاف فيما يخدم المصلحة:
ورد أنه كان لا يأتي أميرًا -في زمان الفتنة- إلا صلى خلفه وأدى إليه زكاة ماله [1] , وقيل له: أتصلي مع هؤلاء ومع هؤلاء وبعضهم يقتل بعضًا؟ فقال: من قال: حي على الصلاة أجبته, ومن قال: حي على الفلاح أجبته, ومن قال: حي على أخيك المسلم وأخذ ماله قلت لا [2] , وكان ابن عمر يتبوأ مكانة رفيعة في الأمة لصحبته لرسول الله وعلمه وعبادته وزهده, وكان عبد الله بن محيريز -رحمه الله- يراه أمانًا في الأرض حيث قال: والله إن كنت أعد بقاء ابن عمر أمانًا لأهل الأرض [3].
د- إن ابن عمر - رضي الله عنه - لم يدعُ إلى وجوب الخضوع المطلق للسلطان:
أو جواز البيعة القهرية, أو أن في حياته ما يدل على عدم اهتمامه بأمور المسلمين السياسية أو عدم المشاركة فيها, بل على العكس, فهو كان دائمًا أحد الأطراف الرئيسية في المعادلة السياسية في العهد الأموي, وكان أسلوبه هو الحوار واللجوء إلى الشورى, والابتعاد عن الاقتتال, وعندما بدأت الانشقاقات تظهر بين المسلمين اختار أن يكون محايدًا وأن يعتزل الاقتتال, لا أن يعتزل الحياة السياسية, وكان حياده واعتزاله نوعًا من التأمل والتفكر والاطلاع على مواقف الفئات المختلفة والبعد عن المشاركة في سفك دماء بسبب التصارع على السلطة, مع العمل على تهيئة الظروف, والمناخ السياسي الملائم الذي يجمع شمل الأمة,
فموقف ابن عمر المحايد كان في البداية بسبب صعوبة تكوين رأي قاطع, فضلاً عن خشية الوقوع في الفتن [4] , وكان يقول: كففت يدي عن القتال فلم أندم, والمقاتل على الحق أفضل [5] , وهناك دلائل وحقائق تاريخية تثبت أن ابن عمر, عندما رأى ما يقوم به الحجاج من مظالم عظيمة في الحرم المكي, وسفك الدماء به, والتعدي على حرمته غير رأيه في اعتزال الفتنة, بل وندم على أنه لم يقاتل في جيش علي بن أبي طالب ضد معاوية, الذي كان في نظره خارجًا عن شرعية علي وباغيًا عليه, فقد روى حبيب بن ثابت أن ابن عمر عندما حضرته الوفاة قال: ما أجد في نفسي شيئًا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي [6] , وقد مر معنا قول ابن عمر: ما آسى على شيء من هذه الدنيا إلى على ثلاث, ظمأ الهواجر, ومكابدة الليل, وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا [7] , قال الذهبي: يعني الحجاج [8] , وقد جاء في كتب التاريخ أن ابن عمر كان يرى
عبد الله بن الزبير أيضًا يندرج تحت مسمى الفئة الباغية, وأنه ندم على عدم قتاله لخروجه على بني أمية وبغيه عليهم ونكثه عهدهم [9] , وهذه الرواية يؤخذ عليها عدة أمور:

[1] الطبقات الكبرى (4/ 149).
[2] المصدر نفسه (4/ 170).
[3] تهذيب التهذيب (5/ 331) , أثر العلماء في الحياة السياسية ص 337.
[4] مع المسلمين, مصطفى حلمي ص54.
[5] الطبقات (4/ 164).
[6] سير أعلام النبلاء (3/ 232).
[7] سير أعلام النبلاء (3/ 232).
[8] سير أعلام النبلاء (3/ 232).
[9] المصدر نفسه (3/ 229).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 616
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست