اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 574
[4] - موقف الخوارج من بيعة ابن الزبير
تحالف الخوارج مع ابن الزبير في الدفاع عن مكة حتى وفاة يزيد, فلما زال الخطر, دخل عليه قادتهم فأرادوا معرفة رأيه في عثمان بن عفان - رضي الله عنه - , فأجابهم فيه بما يسوءهم, وذكر لهم ما كان متصفًا به من الإيمان والتصديق, والعدل والإحسان والسيرة الحسنة والرجوع إلى الحق إذا تبين له, فعند ذلك نفروا منه وفارقوه وقصدوا بلاد العراق وخراسان, فتفرقوا فيها بأبدانهم وأديانهم ومذاهبهم ومسالكهم المختلفة المنتشرة التي لا تنضبط ولا تنحصر؛ لأنها مفرعة على الجهل وقوة النفوس والاعتقاد الفاسد, ومع هذا استحوذوا على كثير من البلدان [1] , وتصدي لقتالهم الفارس الهمام, البطل الكبير, المهلب بن أبي صفرة, فقد كتب ابن الزبير له بأن يتولى حربهم فاستجاب لذلك, وكان على رأس
الخوارج الأزارقة نافع بن الأزرق, واستطاع المهلب أن يهزمهم وقتل أميرهم نافع بن الأزرق, وانهزمت الخوارج نحو فارس [2] , وتسربت شائعات إلى أهل البصرة بأن المهلب قتل, فاضطرب المصر وهمّ أميرهم الحارث بن أبي ربيعة أن يهرب, وأقبل البشير إلى أهل البصرة بسلامة المهلب, فاستبشروا بذلك واطمأنوا, وأقام أميرها بعد أن هم بالهرب, وبلغ عبد الله بن الزبير ما كان من عزم عامله بالبصرة على الهرب, فعزله وولى أخاه مصعبًا, فسار مصعب حتى قدمها وتولى أمر جميع العراقين وفارس والأهواز, ومما قيل من الأشعار في قتال المهلب للخوارج الأزارقة:
إن ربًا أنجى المهلَّب ذا الطول ... لأهلٌ أن تحمدوه كثيرًا
لا يزال المهلب بن أبي صفرة ... ما عاش بالعراق أميرًا (3)
وقال رجل من الخوارج في قتل نافع بن الأزرق:
إن مات غير مداهن في دينه ... ومتى يمر بذكر نار يصعق
والموت أمر لا محالة واقع ... من لا يصبحه نهارًا يطرق
فلئن منينا بالمهلب إنه ... لأخو الحروب وليث أهل المشرق (4)
* * *
المبحث الثاني
خروج مروان بن الحكم على ابن الزبير أولاً: اسمه ونسبه وحياته قبل خروجه على ابن الزبير:
هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف, الملك أبو عبد [1] البداية والنهاية (11/ 667،668). [2] الأخبار الطوال ص 249، 250.
(3) المصدر نفسه ص251. [4] المصدر نفسه ص251.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 574