responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 550
بعضهم بابن الزبير ومكانته [1]، إلا أنه من المستحيل أن يجهل أحد منهم مكانة الكعبة وأهميتها، كيف وهم يتجهون إليها في صلاتهم عندما كانوا يحاصرون ابن الزبير، فمن المستحيل أن يعمد أحدهم إلى حرق الكعبة، أو كان ذلك يدور في تفكير الحصين بن نمير، وقد وردت تصريحات لبعض اقارب ابن الزبير وبعض السلف والعلماء المتحققين بأنهم لم ينسبوا إلى أحد من الطائفتين قصد حريق الكعبة، فهذا هشام بن عروة يقول: .. فقاتلوا ابن الزبير واحترقت الكعبة أيام ذلك الحصار [2]، وقال ابن عبد البر: وفي هذا الحصار احترقت الكعبة [3]، وقال ابن حجر: ثم سارت الجيوش إلى مكة لقتال ابن الزبير، فحاصروه بمكة وأحرقت الكعبة [4].
ولا شك أن أحداً من أهل الشام لم يقصد إهانة الكعبة، بل كل المسلمين معظمين لها، وإنما كان مقصودهم حصار ابن الزبير، والضرب بالمنجنيق كان لابن الزبير لا للكعبة/، ويزيد لم يهدم الكعبة، ولم يقصد إحراقها لا هو ولا نوابه باتفاق المسلمين [5]. وهكذا كانت أحد نتائج تلك الحرب التي دارت بين ابن الزبير والحصين بن نمير إحراق البيت الحرام [6]. ولما وصل الحصين خبر موت الخليفة بعث إلى ابن الزبير فقال: موعد ما بيننا الليلة الأبطح، وكان يريد أن يجتمع به ويفاوضه في الخلافة فالتقيا وتحادثا طويلاً واشتد بينهما الجدل وكان فيما قال الحصين لابن الزبير وهو يدعوه للخلافة: إن يك هذا الرجل قد هلك فأنت أحق الناس بهذا الأمر، هلم فلنبايعك ثم أخرج معي إلى الشام، فإن هذا الجند الذي معي هم وجوه أهل الشام وفرسانهم، فو الله لا يختلف عليك اثنان، وتؤمن الناس، وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا وبينك، والتي كانت بيننا وبين أهل هذه الحرة. فقال عبد الله: أنا أهدر تلك الدماء؟ أما والله لا أرضى أن أقتل كل رجل منهم عشرة منكم، وكان الحصين يكلمه سراً، وهو يجهر جهراً ويقول: لا والله لا أفعل. فقال له الحصين: قبح الله من يعدك بعد هذه داهياً قط أو أديباً، قد كنت أظن لك رأياً، ألا أراني أكلمك سراً وتكلمني جهراً وأدعوك للخلافة وتعدني للقتل والهلكة ([7]
بعد أن افترقا، أدرك عبد الله خطأه في موقفه مع الحصين عندما عرض عليه الخلافة ومرافقته إلى بلاد الشام، وأراد أن يصحح هذا الموقف وكان الحصين يستعد للعودة بجنده إلى دمشق، فأرسل إليه يقول: أما أن أسير إلى الشام فليس فاعلاً وأكره الخروج من مكة، ولكن بايعوا لي هناك فإني مؤمنكم وعادل فيكم، فرد الحصين بقوله: أرأيت إن لم تقدم بنفسك، ووجدت هناك أناساً كثيراً من أهل هذا البيت يطلبونها ويجيبهم الناس، فما أنا صانع [8]؟ وذكر البلاذري: أن عبد الله بن الزبير طلب من الحصين مهلة لاستشارة أصحابه عندما عرض عليه الحصين الأمر، ولكن أصحابه رفضوا الخروج إلى الشام [9]. ويصعب على المرء أن ينفذ إلى أعماق ابن الزبير ويعرف ما كان يدور في خلده والأسباب التي دفعته لرفض عرض الحصين ولكن هناك مؤشرات عديدة تؤخذ بعين الاعتبار من الواقع السياسي في بلاد الحجاز [10]، منها:
أـ لم تكن للحصين صفة رسمية عندما عرض الخلافة على ابن الزبير، ولم يكن يمثل الأمويين كلهم، رغم أنه قال: إن الجند الذين معه هم وجوه أهل الشام وفرسانهم. فكيف يثق ابن الزبير بقائد حملة كان يقاتله قبل أيام ويريد أن يفتك به، وقد ظهرت المناقضة عند الحصين بقوله بعد ذلك: أرأيت إن لم تقدم بنفسك ووجدت هناك أناساً كثيراً من أهل هذا البيت يطلبونها

[1] مواقف المعارضة صـ552، حلية الأولياء (1/ 336).
[2] الإصابة (4/ 94) عن الزبير بن بكار بسند صحيح.
[3] الاستيعاب (3/ 243).
[4] تعجيل المنفعة صـ453 مواقف المعارضة صـ553.
[5] منهاج السنة (4/ 477) مواقف المعارضة صـ553.
[6] مواقف المعارضة صـ554.
[7] تاريخ الطبري (6/ 436) ..
[8] المصدر نفسه (6/ 436).
[9] أنساب الأشراف (4/ 57، 58)، عبد الله بن الزبير للناطور صـ107.
[10] عبد الله بن الزبير ماجد لحام صـ115.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 550
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست