responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 537
الخلاص إلى قتلهم بتلك البيعة ([1]
يقول الدكتور يوسف العش: وبعد انتهاء معركة الحرّة أحضر مسلم مدبري الفتن واستعرضهم، وطلب إليهم أن يبايعوه على أنّهم خول ليزيد، ويحكم في أهلهم ودمائهم وأموالهم ما يشاء، فلم يقبلوا بأن يبايعوا هذه البيعة فقتلهم، وكان يريد أن يقضي على فتنتهم بالصغار، والحط من منزلتهم والتحقير من شأنهم، بحيث يعتبرون عبيداً، هم وما يملكون [2]. وهذا انحراف عظيم عن شرع الله تعالى، ودليل على عسف الدولة وظلمها وجبروتها وقسوتها وتجاوزنها الحدود المعقولة والمنقولة بسبب غضبها وحنقها على أهل المدينة.

9 ـ وفاة مسلم بن عقبة: 64 هـ:
نفذ مسلم وصية يزيد بحذافيرها، فلم يفاجيء أهل المدينة بالقتال، ولكنه أنذرهم وحذرهم، ولما مضت الثلاث، حاول إقناعهم وألحّ عليهم أن يقبلوا السلام، وأن يكفوا عن القتال، ولكنهم سبوه وشتموه وردوا عليه أمانه، ويا ليت مسلماً تروى واستمر في حصار المدينة المحرمة، ولكن غلبه حبه لسفك الدماء، فدخل المعركة وأنزل بأهل المدينة روعاً عظيماً، وأعمل فيهم السيوف وقتل خيارهم، وشتتوا شملهم ولم ينج منهم إلا أسير أو هارب إلى مكة لينضم إلى ابن الزبير وقد أسرف مسلم في قتل المسلمين حتى بعد انتهاء المعركة فقتل رجالاً خرجوا من المعركة سالمين، ولم يكن له ليقتلهم وقد انتهت المعركة، واستسلمت المدينة، ولكن غلب عليه طبعه، وجرى في عروقه دم الشر الذي فطر عليه، فكان يقتل الرجل لمجرد أن يقول إنه يبايع على كتاب الله وسنه رسوله، أو يبايع على سنة أبو بكر وعمر، وبالطبع لم يكن هذا أبداً مبرراً لسفك دماء وإزهاق أرواح [3]، ولكنه الظلم والعسف والتجبر والطغيان.
وفي أوّل المحرم من عام 64 هـ بعد فراغ مسلم من حرب المدينةـ سار إلى مكة قاصداً قتال ابن الزبير، ولما بلغ ثنيَّة هرْش [4]، بعث إلى رؤوس الأجناد فجمعهم فقال: إنّ أمير المؤمنين عهد إليَّ إن حدث بي حدث الموت أن أستخلف عليكم حصين بن نمير السَّكوني ووالله لو كان الأمر لي ما فعلت. ثم دعابه فقال: انظر يا بن بردعة الحمار فاحفظ ما أوصيك به. ثم أمره إذا وصل مكة أن يناجز بن الزبير قبل ثلاث، ثم قال: اللهم إني لم أعمل عملاً قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله أحب إليّ من قتلي أهل المدينة ولا أرجى عندي في الآخرة، وإن دخلت النار بعد ذلك إني لشقيُّ. ثم مات قبحه الله ودفن بالمُشلل [5]. انظر

[1] مواقف المعارضة صـ446 ..
[2] الدولة الأموية صـ176.
[3] الأمويون بين الشرق والغرب (1/ 283).
[4] هرْش: مكان مرتفع من طريق مكة: قريبة من الجحفة.
[5] بين مكة والمدينة، البداية والنهاية (11/ 263).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 537
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست