responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 538
إلى شدة جهله وحماقته وكيف كان يعتقد أنه يتقرب بقتل هؤلاء إلى الله، وأنه يزداد بقتلهم قربى منه ـ سبحانه ـ والناظر في دعائه يستشعر الأسباب التي جعلت مسلماً يدير المعركة بشراسة، ويسرف في دماء المسلمين من غير وازع ولا رادع فقد كان مسلم يعتقد أن قتل أهل المدينة قربى إلى الله، فأسرف في القتلى وكان يؤمن بأن قتلهم هو السبيل إلى الجنة، فأمعن في سفك الدماء ولو أن الأحمق الجاهل الذي كان حريصاً أشد الحرص على طاعة أمير المؤمنين ولم يحرص قط على طاعة الله، وكان يكره معصية أمير المؤمنين عند الموت، بقدر ما كان يكره طاعة الله في عباده، لو أنه فقه أن زوال الدنيا عند الله أهون من سفك دم امرىء مسلم، ولو أنه علم أن ما فعله أهل المدينة لا يبيح دماءهم ولا تستباح أموالهم لو أنه علم ذلك لكان يكفيه من إدارة المعركة القدر الذي يخضع الناس ليزيد [1].

10 ـ كيف استقبل يزيد خبر موقعة الحرّة؟
ولما بلغ يزيد خبر أهل المدينة وما وقع بهم قال: واقوْماه ثم دعا الضّحَّاك بن قيس الفهري فقال له: ترى ما لقي أهل المدينة، فما الرأي الذي يجبرهم؟ قال الطعام والأعطية فأمر بحمل الطعام إليهم وأفاض عليهم أعطيته. وهذا خلاف ما ذكره كذبة ـ الشيعة ـ عنه من أنه شمت بهم وشقى بقتلهم [2]، وأنه أنشد من شعر ابن الزِّبَعْرَي:
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزِع الخزرج من وقع الأَسَلْ
حين حَكَّت بقُباء بَرْكها ... واستحر القتل في عبد الأَشَلْ
وقد قتلنا الضّعف من أشرافهم ... وعَدَلْنا ميل بدر فاعتدل
وقد زاد بعض ـ كذبة الشيعة فيها ـ:
لعبت هاشم بالملك فلا ... مَلَكُ جاء ولا وحي نزل (3)

قال ابن كثير: فهذا إن قاله يزيد بن معاوية فلعنة الله عليه ولعنة اللاَّعنين، وإن لم يكن قاله فلعنة الله على من وضعه عليه ليُشنِّع عليه به وعلى ملوك المسلمين [4]، وقال ابن تيمية على أبيات الشعر: ويعلم بطلانه كل عاقل [5]، لقد وقع يزيد في خطأ مرّوع، لا تهون منه الاعتذارات والمواساة، وهو الأمر باستباحة المدينة للمحاربين ثلاثة أيام ينهبون ويسرقون، مما أدى إلى فساد خطير وشر مستطير، وفتح على يزيد باباً أدى إلى تشويه سمعته، وبغض المسلمين في خلافته، وبخاصة أن المسلمين لم ينسوا بعد مقتل الحسين بن علي ـ رضي الله عنه ـ حيث لم تجف دماؤه على ثرى كربلاء [6].

[1] الأمويون بين الشرق والغرب (1/ 285).
[2] البداية والنهاية (11/ 655).
(3) المصدر نفسه (11/ 631).
[4] المصدر نفسه (11/ 631).
[5] منهاج السنة (4/ 550).
[6] الأمويون بين الشرق والغرب (1/ 283).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 538
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست